للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبيدك شئت، ولو لم يكن في اللفظ تخيير لما حَسُن هذا التفسير، ألا ترى أنَّه إذا قال: أعتق سالماً وغانماً، أيهما شئت لم يحسن، ولو قال: أعتق سالما أو غانماً أيهما شئت حسُن ذلك لما فيه من التخيير، والضامن والمضمون عمّتهما خصيصة الوجوب، وذلك أن أحدَهما التزمَ ثمناً بعقد بيعٍ، أو أجرةً بعقد إجارةٍ، والآخَرَ التزم بعقدِ ضمان، فإذا امتنعا جميعاً من أداءِ الدين أثما مأثم المخل بالواجب عليه، بخلاف مسألتنا، فإنه إذا أخل بالثلاثة لم يأثم إلا بواحدٍ، فبان بأخذ الخصيصة مأخذ الواجب.

وقولهم: إنما لم يأثم بالكُل، لأنه لم يجب الجمعُ، فإنما هو واجبٌ على سبيل البَدَل، فباطل بفروض الكفايات فإنه وجب على سبيل البدل، فأي سابق سبق إلى فعله سقط الفرض عن الباقين، كما أن هاهنا إلى أي الثلاثةِ سبقَ أجزأه ومع ذلكَ إذا تركَ الكل أثم.

على أنَّ قولَك: ليس بواجبٍ على الاجتماعِ بل على سبيلِ البدل.

فهذا هو النّافي لإجراءِ اسمِ واجب على كُل واحدٍ، وهل معنى واجب إلا الاقتضاءُ به على وجهٍ لا يخرجُ عن عهدتهِ الأمرُ إلا بفعلِه؟ فإن قيل: ففروضُ الكفاياتِ حجة عليكم من حيث إنه من فعله من الناس كان مسقطاً لواجب، ثم إذا فعله واحدٌ بقي الباقون غيرَ واجبٍ عليهم، كذلكَ جاز أن تكون الثلاثة هاهنا واجبةٌ قبل الفعل، فإذا فعل واحداً، خرج الباقي عن الوجوب، ولا شيءَ من الأصول يشبه مسألتنا على الوجه الذي ذهبنا إليه، إلا فروضَ الكفايات، فإنها تجبُ على سبيل البدل، أيّ طائفة نهضت بالفعل، سقطَ ذلكَ عن الباقين ونابَ عنهم، وهي فرض على الكُلِّ، والكل موصوفون بالخطابِ بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>