للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخيرِ حصلَ بحكم الأمرِ، لأنَّ الله سبحانه حيث قال: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: ٧٨]، أجمعنا عَلى أنَّه

لم يُرِدِ امتدادها بالتحريمِ عند الدلوك، والتسليم عند غسقِ الليل، فلم يبقَ إلا أنَه أراد امتداد الوقتِ والساعةِ لفعلِها أيً وقتٍ شاء من هذهِ الأوقاتِ التي أوَّلُها دلوكُ الشمسِ، وآخرها غسق الليل، ومحال إخراجُ وقتٍ منها عن تناولِ الوجوب مع اتجاهِ الأمرِ إليه، وليسَ يتلقى الوجوب إلا من صيغةِ الأمرِ التى تناولت هذا الوقتَ الممتد، ولا سيّما مع تفسيرِ الشرع لذلك، فإن جبريلَ صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في الوقتين، الأول والأخير، وقال له: يا محمد، "الوقت ما بين هذين" (١)، ولا يجوزُ أن يكون المراد بقوله: الوقت ما بين هذين، الوسط الذي لم يصلَ فيه هو وقت الوجوب، فلم يبقَ إلا أنَه أراد تعميم الطرفين والوسطَ بالوجوب، وإيقاعَ الفعلِ الواجب فيها.

ومن ذلك: أنَ المأمورَ المكلف إذا أوقعَ الفعلَ المأمورَ به في الوقتِ الأولِ أو الأوسطِ أو الآخرِ، أسقطَ به الفرضَ، وخرجَ به من عهدةِ الأمر، وما خرحَ به المكلف من عهدةِ الأمرِ فهو الواجب بالأمرِ، والأوقات متساويةٌ في ذلكَ من الأولِ إلى الآخرِ، فَدلَّ على أنْ الوجوب عمَّ الأوقاتِ.

ومن ذلكَ: إفسادُ قول من خص الوجوبَ بآخرِ الوقت، أنَّ تعليقَ


(١) أخرجه من حديث طويل عن جابر:
أحمد ٣/ ٣٣٠ و ٣٥١، والترمذي (١٥٠)، والنسائي ١/ ٣٦٣، والدارقطني ١/ ٢٥٦ و ٢٥٧، والبيهقي ١/ ٢٦٨، والحاكم ١/ ١٩٥ - ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>