ومن ذلك: أنَّ أكثرَ أوامرِ الشرع خطابُ المذكَّر، والإجماعُ منعقدٌ على دخولهنَّ في الخطابِ، وما ذَاكَ إلا اعتماداً على دخولهنّ في خطابِ المذكر تبعاً.
ومن ذلك: أنَّ العربَ دأبها تُغلبُ الأكثرَ على الأقل، ومعلومٌ أننا غلبنا التذكيرَ على التأنيث، وإن كان عددُ الإناث أكثرَ دلَّ على أنَّه الوضع الأصلي.
ومن ذلك: أنَّ الغالبَ أنَّ النساءَ تابعاتٌ للرجال، وقلَّ أن يختص في الخطاب نساء حلةٍ أو قريةٍ أو بلدةٍ في مكاتبةٍ أو مخاطبة، إنما يُسْتَتْبَعْنَ استتباعاً، ويستهجنُ من العربي أن يقول لأهل بلدٍ: أنتم الآمنون، ونساؤكم آمنات، بل إذا قال: أنتم آمنون، تبعَ النساءُ في ذلك، وكذلكَ إذا كان بحضرته رجال ونساء فقال: قوموا، سَمُجَ في اللغة أن يقول: وقمن.
فعادة أهل اللغة في الاستتباع لهن مغنية عن تخصيصهن بالخطاب، فكان مطلقُ خطابِ الشرع كذلك، حتى إنَ في البهيم من الحيوان يسمجُ أن يقولَ الرجلُ: عندي مئةٌ من الخيل، ومئةٌ من الجمال، كما يقول: مئة من الرقيق معَدّات ومُعَدّون، لتبعهم ولتبعهنّ، بل يُطلِقُ الجمعَ الصالح للذكورِ فقط قنوعاً به وتعويلاً عليه.