الذين لا يؤمنون وهم بالأخرة كافرون، وحملُه على عدم اعتقادِ الزكاةِ حمل على الكفرِ أيضاً، ومهما أمْكن حملُ الكلام علىَ حقائقهِ وحَمْل كُلَ جمله منه على معنى غيرِ الأولِ، فلا وجه لحمله على التكرار، ورد الويل إلى الكفرِ خاصةٌ، وإخراج بقيةِ الجرائمِ عن مقابلةٍ خلافُ الظاهرِ، لأنه لو كان غير الكفر من منع إيتاء الزكاةِ ليس بمقابل، لم يكن لذكره معنى.
وأمَّا قولهم: إنَّ الوعيدَ عادَ إلى جمعِ المذكور، ومن جملته الكفرُ، ولهذا أوجبَ الخلودَ، فهذا عينُ ما نريدهُ، لأنَه إذا عادَ إلى الجميعِ، كانت المؤاخذةُ بكُلِّ واحدٍ من الجملةِ المذكورةِ، ولا سيما ذكرهُ للمضاعفةِ في مقابلهِ تَعدُدِ أفعال مضاعفه، فهو أشبهُ من عودهِ إلى الكفرِ، وهو شيءٌ واحد، فيكونُ ذكرُ الخلودِ لأجل الكفر، والمضاعفةُ في مقدارِ العذاب لأجلِ ما ذكره من الذنوب.
وأما قولهم: إنَ قولهم: {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} إنما هو قولُ الكفارِ، فكلُّ قولٍ حكاهُ الله عنهم ولم ينكره، فهو قولٌ صحيح، ألا تراهم لما قالوا:{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} كيف قال: {انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} وقولُهم: يُحتمل لم نكُ من أهل الصلاة، فذاكَ هو الكفرُ، وقد ذكره، فلا وجهَ لتكراره، ولا يُحملُ الكلامُ على ما يقتضي التكرارَ، على أنَّ الحقيقةَ خلافهُ، فإن الكلامَ يقتضي تَرْكَ فعل الصلاةِ لا اعتقاد وجوبها.
وأما قولُهم: يحتمل أن يكون قولَ فِرَقٍ. فلا يمنعُ استدلالَنا،