للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاصياً ومتعدّياً، ووجبَ رفعُ ذلك عن هواء جاره وأعماقِ داره، كما يجب رفعُ الأمتعة التي يضعها في الهواءِ والقرار.

وأمَّا قولُهم: إن المصلي لا بُدّ له من بقعةٍ في صلاته؛ وغير صلاته؛ لأنه جسم لا بُدّ له من مكان يكون فيه ويعتمد عليه، فلا يختصُّ ذلكَ بصَلاتِه. فإنه كلامٌ ركيكٌ، لأنه كما لا يختضُ الكونُ بالصلاةِ فيها، بل يكونُ فيها ولا صلاة، فإنه لا يصلي فيها ولا بحصولِ الكونِ فيها، وكونُه فيها في صلاة ليس يغيرُ لكونه في غير صلاة، كما أنَ كونَه فيها قاعداً لا يكونُ غيرَ كونه فيها قائماً، وكونُه فيها على كلا الحالين من حيث كونه شاغلاً للمكان لا يختلفُ ولا يتغايرُ، وإنما انضمّ إلى كونه نيّةُ الصلاةِ، فلا يخرجُ عن كونه غاصباً بالكونِ في صلاةٍ كان أو في غيرِها، ولو كان الكونُ في الدارِ غير مصلٍ، مع كونه مصلياً خلا من ضدّين لما صحَ أن يجتَمع كونُه في الدار مصلياً؛ لأنَّ ذلك يوجبُ اجتماعَ الأضدادِ.

وأما شبهةُ المتولّي -رحمه الله- فكان جوابي عنها بالمجلسِ الذي أوردها فيه: أنَ الآبقَ عبْدٌ في غير أوقاتِ الصلوات، فأمَّا أوقاتُ الصلوات، فإنه لا حقَ للسيد فيها على العبد؛ لأنه لا يملكُ فيها استخدامَه بشيء من الخدمة، ولا تعويقَه، ولا يكونُ في ذلكَ الوقتِ غاصِباً لنفسِه، ولا آبقاً عن سيّده، فصارت صلاةُ الآبق في أوقاتِ الفرائضِ المقتطعةِ من ملكِ السيّد وحقه بمثابة بيتٍ يخضُ الغاصبَ ملكُه في الدارِ المغصوبة، إذا صلّى فيه كانت صلاتُه صحيحةً بخروجِه عن الغصب. والذي تَحقق غَصبُه لنفسه فيها من الصلواتِ تكون عندنا باطلةً، وهي النافلةُ، والعبدُ بين شريكين إذا تَهايَأهُ سَيّداه، لم يكن في شُغلِه بخدمةِ أحدِهما عاصياً، فيكف بمالك العينِ معه مالكُ الرِّق إذا كان في طاعته لم يكن عاصياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>