للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنَّ الاستئناءَ مع المستثنى منه جملةٌ واحدةٌ، كالشرطِ مع الخبر أو الخبرِ مع الابتداء، ومعلومٌ أنَّه لو قال: زيد. ثم قال بعد شهر أو يوم: قام، لم يُعد متكلّماً بالمبتدأ والخبر بل ينقطعُ الخبرُ عن الابتداءِ، فلا يُفيدُ الأولُ ولا الثاني، وكذلكَ إذا قال: اضرب. وقال بعدَ شهر زيداً، أو قال: أكرم خالداً، ثم قالَ بعد شهر إنْ تفقَّهَ في دينِ الله، أو حفظَ كتابَ الله. فإنه لا يُلْحقُ الشرطُ بالمشروطِ، ولا الخبرُ بالشرط، ولا الفعلُ بالمفعولِ به، كذلكَ الاستثناءُ مع المستثنى منه؛ لأجْلِ أنَّ الكلَّ جملةٌ واحدةٌ، فلا يُفصلُ بعضُها عن بعض.

ومنها: أنَّ الكلامَ إنما وُضع لفوائِده المخصوصة [ولو] (١) لحق الاستثناءُ بالمستثنى منه، مع وجودِ الفصلِ، لفاتت فائدةُ الكلامِ، فإن الأيمانَ وُضعت للثقةِ بها، وتأكُدِ الخبرِ لأجلِها، وكذلكَ الوعدُ والوعيدُ، فإنَّما تحصلُ الثقةُ إذا وقعت جازمةً، ولهذا متى وقعتِ الأيمانُ معلَّقة بشرطٍ، لم تحصل الثقةُ بها، فإذا قال: واللهِ لا غدرتُ بك ولا نكثتُ عقدك إنْ شاءَ اللهُ. لم يعدَّ يميناً، فإذا كان له أن يقولَ بعد سنةٍ: إنْ شاءَ الله أو يقولَ: واللهِ لأقْضينَّك دَيْنكَ كله غداً، ثم كان له أن يقول: إلا كذا وكذا منه، ولا أعطيتُك من دَينك مئة في غدٍ، ويقول بعد ساعة: إلا أربعين. فأيُ ثقةٍ تحصلُ مع إمكانِ إلحاقِ الاستثناءِ با لمستثنى منه، وإخراجِ الكلامِ الأولِ بالاستثناءِ الواقعِ بعد زمانٍ إلى ما تقدَّمَ من الكلامِ (٢).؟!.

ومنها: أنَّ تقديرَ ذلك بالسَنةِ لا ينفصلُ عن الأقل منها والأكثر فلا وجهَ لهذا التقدير.

ومنها: أن اللهَ سبحانَه [لو] (٣) قال لمكلف: أعتقْ رقبةً، أو صُم شهرينِ، ثم قال


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) "التمهيد" لأبي الخطاب ٢/ ٧٥.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>