فهو عدم استقلال صيغة الاستثناء بنفسها؛ لأنها تابعة للمستثنى منه، بخلاف المخصِّصات المنفصلة، فإنها مستقلة بنفسها. وأمَّا الفرق بين الاستثناء والتخصيص بالمتصل من الأدلة: فهو أنَّ الاستثناءَ يتطرق إلى النص كقوله: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدةً، وله فيَ عشرةٌ إلا ثلاثةً، بخلاف التخصيص بغير الاستثناء؛ فإنَّه لا يصحُّ في النصِّ، وإنما يصحُّ في العامِّ، ودلالته ظنية، فإذا قال: أكرم الرجال، ثم قال: لا تكرم زيداً؛ كان ذلك تخصيصاً؛ لأن دخول زيد في الرجال بالنظر إلى إرادة المتكلِّم، مظنون لا مقطوع، ولو نص على أسماء الرجال فقال: أكرم عَمراً وبكراً وبشراً وجعفراً وزيداً، حتى أتى على أسمائهم، لم يكن ذلك تخصيصاً بل نسخاً، وذلك؛ لأنَّ التخصيص يبين أن مدلول اللفظ الخاص ليس مراداً من اللفظ العام الذي هو محتمل لإرادته وعدمها، وذلك صحيح مفيد، أما إذا نصَّ على إرادة مدلولِ لفظٍ كزيدٍ أو غيره من الرجال؛ لم يصح بعد ذلك أن يُبَين أنه غير مراد له؛ لإفضائه إلى التناقض، بل يكون نسخاً؛ لأنَّ التناقض من لوازمه. انظر "شرح مختصر الروضة" ٢/ ٥٨٥.