للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهواءِ، على ما اختلف الأصوليون فيهِ، ولإبليسَ ذريةٌ كما أخبرَ سبحانه (١)، ولا ذريَّة للملائكة، ولا تتوالدُ، فقد استثنى الشيطانَ من الملائكةِ.

وقال تعالى: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٥ - ٧٧]، فاستثنى الباري من جملةٍ، والباري مُنزهٌ عن الدخولِ في الأجناسِ.

وقولُه تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: ١٥٧] فاستثنى الظَّنَّ من العلمِ، وليس من جنسِه.

وقال: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (٢٦)} [الواقعة: ٢٥ - ٢٦] فاستثنى السلام من اللغوِ وليس من جنسِه.

وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩]، والتجارة ليست من جنس الباطلِ، وقد استثناها من جملةِ الباطِل المنهي (٢) عنه.

وقال تعالى: {فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا} [يس: ٤٣ - ٤٤] {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: ٤٣] ومن رحمَ ليس بعاصمٍ، وإنما هو معصومٌ، وليس بمعصومٍ من جنسِ العاصِم.

وقال الشاعر

وبَلدةٍ ليسَ بها أنيسُ ... إلا اليعافيرُ وإلا العيسُ (٣)


(١) كما في قوله تعالى في الآية ٥٠ من سورة الكهف: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} [الكهف: ٥٠].
(٢) في الأصل: "للنهي" والمثبت هو الصواب.
(٣) البيت لعامر بن الحارث بن كلدة، المعروف بجران العود، وهو في "ديوانه": ٥٠، وفي "الكتاب" لسيبويه ٢/ ٣٢٢، و"هَمع الهوامع" للسيوطي: ١/ ٢٢٥، و"المقتضب"٢/ ٣٤٧،=

<<  <  ج: ص:  >  >>