للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاجتماع الأضيافِ عندَه، وسُمِّيَ القُرآنُ والقِراءةُ بذلك، لكونه مجمعَ كلام، فكذلك حقيقةُ الاجتماع (١)، إنما هو الناسُ دون الجدار، فما أراد إلا مجمعَ الناس وهو في نفسه حقيقةُ القرية، يوضِّح ذلك: قولُه تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} [الكهف: ٥٩]، وقوله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا} [الطلاق: ٨]، وهذا يرجعُ إلى المجمع (٢) من الناس دونَ الجدرانِ، والعِيرُ اسم للقافلةِ.

قالوا: ولأنَّ الأبنيةَ والحميرَ إذا أرادَ اللهُ نطقَها، أنطقَها، وزمن النبواتِ وقتٌ لخرقِ العاداتِ، ولو سأَلها، لأجابتْه عن حالهم معجزةً له أو كرامةً.

وقوله: {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ} [مريم: ٣٤]، إنَّما أراد (٣) بقولِه: {قَوْلَ الْحَقِّ}: اسمَه ونسبتَه إلى أمِّه، وذلك حقيقةُ قول الله، وقد قال صاحبكم أحمد: الله هو الله، يعني الاسم هو المسمى (٤).

وقوله: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة:٩٣]، فإنَّه لما نُسف بعد أن بُرِدَ في البحرِ، وشربوا من الماءِ، كان ذلك حقيقةَ ذاتِ العجلِ.

فلا شيءَ ممَّا ذكرتم إلا وهو حقيقةٌ.

فيقال: القريةُ ما جمعتْ واجتمعَ فيها، لا نفسُ المجتَمعِ، ولهذا


(١) في الأصل: "الإجماع".
(٢) في الأصل: "المخرج".
(٣) في الأصل: "أشار".
(٤) انظر"مجموع فتاوى ابن تيمية" ١٢/ ١٦٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>