ومثالُه من الفقهِ أن نقولَ: عقد الباب، من مذهبنا أنَ كل مُسْكرٍ حرام، وكل مُسَوغٍ الاجتهادُ فيهِ لا يفسق معتَقِدُه، وَلا فاعِله المعتقِدُ إباحتَه، أو المستفتي في فعلِه مَنْ يعتقِدُ إباحتَه.
ومثال الثاني: وهو الشَرطِيُّ من العقودِ من جهةِ الأصول: إذا كان الله سبحانَه شَرَطَ أن لا يعذَبَ حتى يبعثَ، الرسلَ لنفي الحُجةِ حينَ قالَ:{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥]، وقوله:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥]، كان مِنْ مقتضى شرطِه سبحانَه أن لا يعَذَبَ الأطفالَ والمجانينَ، إذ لا رِسالَة إليهم، ولا خِطابَ لهم، وقد صَرحَ به في آيةٍ أخرى: {أن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف: ١٧٢ - ١٧٣] فما شرَطَهُ الباري لئلاَّ يقالَ: لايفعله، ولا يجوزُ أن يفعلَه، وقوله:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥] يَقطع حجةَ المتعلقينَ في التكاليفِ بالَأقدارِ؛ لأنَ اللهَ سبحانَه إذا تَرَكَ عن نفسِه حجَّةً بعد الرسلِ لايَبْقَى ما يكون حجَّةً عليه، ولاحجةَ لمكلفٍ بعد الرسلِ، كذلك لا تَبِعَةَ على صَبِيٍّ ومجنونٍ مع عَدَمِ الرسالةِ إليه.
ومثاله من عقودِ الباب في المذاهب، الفقهيةِ: إذا كان التحريم للجَمْعِ بينَ الأختَيْنِ في عقَدِ النَكاح هوا ممَّا يَتجدد من قَطِيعَةِ الرَّحمِ بالتغايرِ على الفِراشِ، وجبَ أن يَحرُم الجمع بين الأختينِ في الوطِء بملْكِ اليمين، لِما يورِث من قطيعةِ الرحمِ، وإذا كان تحريمُ الخمرِ، لِمَا يَعْقب من العداوةِ والبغضاءِ والصَّدَ عن ذكرِ الله، وعن الصلاةِ،