للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحياءً، لَمَّا كانَ ذلك معلوماً، بدليل أنَّهُ أرادَ (١) ذلِكَ، كذلك لا يحتاج أنْ يقالَ للمكلَّفِ: ما لَمْ أَنْسَخ (٢)، لعلمِهِ بالدليل أنّه كذلك.

ولأنَّه قد يردُ الخطابُ باسم حقيقةٍ في شيءٍ، يعتقِدُ المكلَّفُ الحقيقةَ بأصْلِ الوضعِ، فتقومُ دلالةٌ على أنَّه أرادَ المجاز، ولا يقال: إنه عَرَّضَ المكلفَ للتكذيبِ (٣)، وكلامَهُ للكذب، لمَّا كانت عادة العرب ذلك.

والمعراجُ -مناماً أو يقظةً (٤) - أوحى اللهُ إليه، أو كافَحَهُ (٥) مكالمةً بفرضِ خمسينَ صلاةً، ولم يُطلعه على ما ينتهي إليه الأمر، أَتراهُ عَرَضَهُ للجهل حيثُ كان مُرادُهُ خمساً، لِمَا انتهى إليه من النسخ؟

على أنَّا نقابل ما ذكرتَ من حصولِ الجهل بما يُوفي على ذلك من النفع، وهو أنَّ اللهَ سبحانه إذا خاطبَ المكلفَ بإيتاء الحق، تلقَّى أمرَهُ باعتقادِ إيجابِ الحق، ويوطَنُ نفسَه على أداءِ أيَ حقٍّ بيَّنه وفسَّرهُ به، قَلَّ أو كَثُرَ، فحصلَ له في ذلك جزيلُ الثواب بما اعتقدَه


(١) في الأصل: "إذا أراد"، ولا وجه لإثبات "إذا"، فلعلها مقحمة في النص، لذا حذفتها.
(٢) هذه الجملة موضعها في الأصل قبل قوله: "لا يحتاج"، وأثبتها هنا دفعاً للبس والغموض في عبارة الأصل.
(٣) في الأصل: "التكذيب".
(٤) الثابت أن المعراج كان يقظة، وأنه عُرج بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بشخصِه في اليقظة
إلى السماء. "شرح العقيدة الطحاوية" (٢٧٠) وما بعدها
(٥) أي: واجَههُ وكلَّمه دون واسطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>