للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرْتَنا بالفسخ ولم تفسخ؟ فلم يُجبهم بأنَّني متميِّزٌ عنكم، ولا داخلٌ معكم، ولا (١) حكمي يخصُّني، ونسكي على وجه لا يلزمُني أنْ يكون على وجه نسكِكم، ولي حكمي ولكم حكمُكُم، بل قال قولاً يعطي عذراً اختصَّ به (٢)، وهذا بيانٌ منه - صلى الله عليه وسلم - أنَّ حكمَه حكمُهم لولا معيقٌ أعاقَ، فقال: "لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ، لما سُقْتُ الهَدْي، لكنِّي سقت هديي، ولبدْتُ رأسي، فلا أُحِلُّ حتى أنْحَر" (٣).

وقالوا له: نهيْتَنا عن الوِصال وواصلتَ، فقال: "لست كأحدكم، إني أَظَلُّ عندربي يطعمني ويسقيني" (٤)، وقال لأمَّ سَلَمة لما سُئلتْ عن قبلةِ الصائم، قال لها: "لِمَ لاَ تَقُولينَ (٥) لهُم: إئي أُقَبلُ وأنا صائم؟! " (٦).

ولو لم يكن مُتَّبَعاً في أفعالِه، لما كانَ إعلامُهم بذلك جواباً عمّا سألوه، وإنَّما هذا دلالةٌ على أنَّ الأمرَ كان مستقِرّاً على أنَّ أفعاله مُتَّبَعةٌ.

وقال لها لما سألته عن حكم الشَّعْرِ في الاغتسالِ: "أما أنا فيكفيني أنْ أحثوَ على رأسي ثلاث حَثَيات من ماء" (٧).

ولما أمَرَ - صلى الله عليه وسلم - بالنحرِ للهدي الذي حُصِرَ عن مَحِلِّه، فتوقفوا،


(١) في الأصل: "بل".
(٢) تقدمت الإشارة إليه في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني سقت الهدي فلا أحل حتى أنحر" انظر ٢/ ٢٦.
(٣) تقدم تخريجه ٢/ ٢٦.
(٤) تقدم تخريجه ٢/ ٢٦.
(٥) في الأصل: "تقولي".
(٦) تقدم تخريجه ٣/ ١٠٣.
(٧) تقدم تخريجه ٢/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>