للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صغيرةٍ، وقد اختلفَ الناسُ في ذلك، فقال قوم: إن الله سُبحانَه لم يَنصِبْ على الكبيرةِ عَلَماً ولا دَلالةً، لِيَقَعَ الاجتنابُ لكلِّ معصيةٍ.

وقال صاحبنا (١) رحمةُ اللهِ عليهِ: عليها امارَةٌ، فكل معصيةٍ أوجبت حَدَاً في الدنيا، كالزِّنى، والسرقةِ، والشًّرْب، والقَذْفِ، وقَطْعِ الطريقِ، أو وَعيداً في الآخرةِ كالربا، والتَوَلي عن الجَهادِ إذا الْتَقَى الصَّفَّانِ، فهو كبيرة (٢). والصغائر: ما عدا ذلك.

وحَصَرَها قومٌ بأربعينَ (٣)، وأدخلوا فيها عُقُوقَ الوالدَيْنِ، وشهادةَ الزورِ، والانتسابَ إلى غَيْرِ العَشِيرةِ، واسْتِرْقاقَ الحُرِّ.

وحَصَرَها قومٌ بعَشرَةٍ، فقالوا: الشِّرْكُ، والقَذْفُ في اللِّسانِ، والسَّرقةُ، والقتل في اليَدِ، والشًّربُ، وأكل الرِّبا، وأكل مالِ اليتيم في البَطْنِ، والزِّنى، واللِّواطُ في الفَرْجِ، والفِرارُ من الزَّحْفِ في القَدَمِ.

والدَلالة على معرفتِنا لها: أن الله سبحانَه قد سمَّى كبائرَ، وشرطَ إحْبَاطَ كلِّ سيئَةٍ غَيْرِها باجتنابِها، فدلَّ ذلك على أن لنا غَيْرَها، وشَرَعَ عقوباتٍ، وجاءَ بوعيدٍ على معاصٍ مخصوصةٍ، فالاستدلال بعِظَم العُقوبةِ على عِظَمِ الجريمةِ استدلالٌ صحيحٌ، فنستدلًّ على الأكثرِ


(١) يعني الِإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.
(٢) قال ابن أبي العِزَ في "شرح العقيدة الطحَاوِيةِ" ٢/ ٥٢٥ بعد أن ذكر عدة أقوال في الكبيرة: "وقيل: إنها ما يترتب عليها حَد، أو توعُد بالنار، أو اللعنةِ، أو الغضب، وهذا أمثلً الأقوال" وذكر أنه قولٌ مأثورٌ عن الإمام أحمد.
(٣) وحصرهَا الِإمام الذهبي في كتابه "الكبائر" بسبعين، وعد منها ابن حجر الهيتمي في كتابه "الزواجر عن اقتراف الكبائر" سبعاً وستين وأربع مئة كبيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>