للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو أيسر منه وأخف، لكونه نسخَ واجبٍ إلى واجب.

ومثله: نسخُ القبلةِ إلى الكعبة، نسخ واجب إلى واجب أيضاً، لكن الثاني كالأوَّل؛ ليس فيه تخفيفٌ، ولا تخييرٌ، ولا تقليلٌ.

ومن ذلك أيضاً: نَسخُ الصوم المخيَّرِ بين إيقاعِهِ أو الفديةِ في حقِّ الصحيح القادر على الصوم، نسِخَ إلى صوم منحتم لا تخييرَ فيهِ، فهذا نسَخ واجب إلى واجب، لكن الأولُ موسَّع والثاني مضيَّقٌ، وبقيَ عندَنا في حقِّ الحاملِ والمُرضع إيجابُ الفديةِ لا على وجهِ التخييرِ، بَلْ إنْ خافتْ على جنينِها أو ولدِها حالَ الرضاعِ، فلا يحلُّ لَها الصوم، وعليها الفديةُ، وإن لم تخفْ، فلا يحلُّ لها الإفطار.

ولنا نسخُ واجب إلى مباحٍ، فالصدقة المقدَّمة على مناجاةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، نُسِخَتْ إلى جوازِ فعلها وجوازِ تركِها (٢).

ولنا نسخ واجب إلى ندب وواجب، كالمصابرة في الحرب، الواحد منا للعشرة من المشركين، ونسخ إلى وجوب مصابرة اثنين، وندب إلى ما زادَ على الاثنين (٣).


= ٢/ ٢٩٦، و"شرح الكوكب المنير" ٣/ ٥٤٥، و"البرهان" ٢/ ١٣١٣، و"المستصفى" ١/ ١١٩.
(١) يريد بذلك قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ...} [المجادلة: ١٢].
(٢) يشير إلى قوله سبحانه: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة:١٢ - ١٣].
(٣) جاء ذلك في قوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: ٦٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>