فإنْ قيلَ: ففي الإشعارِ عزمٌ على اعتناقِ الأمرِ المتجددِ، والنسخِ الرافعِ، ونفيُ الجهلِ، فيقابلُ تلكَ الفائدةَ فائدتانِ.
قيل: العاقلُ ينوي ويعزمُ على الدوامِ ما لم يَرِدْ نسخٌ، ويُضْمِرُ الانتقالَ إلى الناسخِ إن تجدَّدَ نسخٌ، فيحظى بالفائدتين جميعاً.
ومن ذلك: أنَّهُ لو وجبَ الإشعارُ بالنسخِ، لوجبَ الإشعارُ بما يتجددُ من الأمراضِ التي تُسقطُ بعضَ العباداتِ، أو تسقطُ كيفياتها، أو تُؤخِّرها عن أوقاتها، والجامعُ بي الأعذارِ والنسوخِ: أنَّ كلَّ واحدٍ منهما مسقطٌ ومخففٌ.
[فصل]
شبهةُ المخالفِ
[قالوا:] إنَّهُ إذا كانَ في علِمِ الله سبحانه أنَّه ينسخُ تلك العبادةَ، ولم يشعر المكلفَ، اعتقد الدوامَ والتأبيدَ، وفي ذلك اعتقادُ الجهلِ، والتعريضُ للجهلِ قبيحٌ؛ لأن الجهلَ قبيحٌ.
فيُقال: إنْ جهل فإنما أُتِيَ من قِبل نفسِه؛ لأنَّهُ يجبُ أنْ يعلَم أنَّ لله أنْ يُؤبِّدَ، وله أن ينسخَ، وأنَّ هذه العبادةَ مؤبدةٌ ما لم يَرِدْ نسخٌ، فلا يفضي إلى اعتقادِ الجهلِ، ولأنَّه قد يُعفى عن اعتقادِ الجهلِ في جنبِ ما يحصلُ من التعبُّد، كما أنَّ الله سبحانَهُ قد يقطعُ على المكلف بالأعذارِ، والانقضاءِ للأعمارِ (١) ما اعتقدَ أنَّهُ يدومُ ويتمُّ،