للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجب النسخَ، فكذلك الزيادةُ، والعلةُ في ذلك أنهما جميعاً تغييرٌ للحكمِ المشروعِ عمّا كان عليه.

فيقال: إنّا قد جعلنا النقصانَ حجةً لنا؛ لأنّه لا يوجبُ نسخَ الباقي من الحدِّ بعد نسخ بعض الجَلْدِ، فيجبُ أن تكونَ الزيادةُ مثلَهُ، وإنما جعلنا النقصانَ نسخاً لَما نقص، لأنّه إسقاطُ حكم ثابتٍ باللفظِ وهاهنا ضمٌّ إلى الحكمِ الثابتِ وزيادةٌ عليه، فلم يكنَ نسخاً.

[والذي] يوضِّحُ ذلك ويكشفُهُ: هو أنه لو أوجبَ الصلاة ثم رفعها لكانَ ذلكَ نسخاً، ولو زاد على الصلاة (١ ركعتين أو زاد الصومَ ١) لم يكن ذلك نسخاً للصلاة.

ومنها أنه لا يَصِحُّ أن يجمع بين الزيادة والمزيد عليه في حكم النص، والخطابُ واحدٌ، ويكشف ذلك إخراجُهُ إلى النطق بأن يقول الشارعُ: إذا غسلتم هذه الأعضاءَ أجزأتكم صلاتُكُم، وإن عَزِبَتْ نيتكم، ثم يقول مع ذلك: وإن لم تنووا الطهارةَ لم تجزئكم صلاتكم، وإذا أعتقتم رقبةً عن كفارةِ الظهارِ كافرةً أجزأتكم، مع قوله (٢): ولا يجزِئُكُم إلا مؤمنةٌ. وإذا لم يمكن الجمعُ عُلِمَ أنَّ الزيادةَ الطارئةَ التي منعتْ بقاءَ حكمِ النصِّ الأولِ معها ناسخة، فيقال: الجمعُ بين الأمرينِ ممكنٌ، بأنْ يقولَ: أَعتقوا رقبةً، ثم يقول: وتكونُ الرقبة المُعْتَقَةُ مؤمنةً، فيبقى الأولُ وهو الرقبةُ وينضمُّ إليها اعتبارُ الإيمانِ، وصلوا ركعتين، ثم يقول: وركعتين، واجلدوا البكر الزاني مئة، ثم يقول: وغرِّبوه عاماً، فقد صرَّح بالجمعِ، وحَسُنَ


(١ - ١) محلها في الأصل مطموس.
(٢) في الأصل: "قولكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>