للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحريمِه اختلافاً حاصلاً مُسَوَّغاً، مع عدم النص القاطعِ على أحدِ الأمرَيْنِ، بل واقعٌ به من جهةِ الاجتهادِ وغَلبةِ الظَنِّ، فيقالُ في مثلِ هذا: إنه مكروهٌ فعلُه عندَ من أدَّاهُ اجتهادُه إلى تحريمِه، فكان القولُ بذلك من فَرْضِهِ وتَجْويزِه لغيرِه القولَ بتحليلِه إذا كان ذلك جهْدَ رأيهِ، فيكونُ ذلك مكروهاً في حقِّ عالمٍ وفَرْضِه، وغيرَ مكروهٍ في حقِّ غيرِه إذا اخْتَلَفَ اجتهادُهما، لا وَجْهَ لقولِهم: إنه مكروة، سوى ما ذَكَرْنا.

وقد أشارَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك بقوله: "الحلالُ (١) بين، والحرامُ (١) بيِّن، وما بين ذلك أمور متشابهات لا يعلمُها إلا قليل" وقال: "لكل مَلِكٍ حِمىً، وحِمى اللهِ محارِمه، ومن حامَ حولَ الحِمَى، يوشِك أن يَقَعَ فيه" (٢)، وقال: "دعْ ما يَريبُكَ لِمَا لا يَريبُك" (٣) وقال لوابِصَةَ:


(١) في الأصل: "حلال"، "وحرام"، والتصحيح من مصادر التخريج الأتي
(٢) نص الحديث عند مسلم في "صحيحه" برقم (١٢١٩) من رواية النعمان بن بشير: "الحلال بَين، والحرام بَين، وبينهما أمور مُشْتبِهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي حول الحِمى يوشِكُ أن يَرْتَعَ فيه، ألا وإن لكل مَلِكٍ حِمى، وحمى الله محارِمُه".
وأخرجه أحمد ٤/ ٢٦٧ و٢٦٩، والدارمي ٢/ ١٦١، والبخاري في "صحيحه" ١/ ٢٠ و٣/ ٦٩، وأبو داود ٢/ ٢١٨، والترمذي ٥/ ١٩٨، والنسائي ٧/ ٢١٣، وابن ماجه (١٣١٨) و (١٣١٩).
(٣) أخرجه البخاري تعليقاً عن حسان بن أبي سنان في البيوع: باب تفسير المشبَّهات.
وأخرجه من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه أحمد في "المسند" ١/ ٢٠٠، والدارمي ٢/ ١٦١، والترمذي (٢٦٣٧) في صفة القيامة، والنسائي =

<<  <  ج: ص:  >  >>