للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسقطُ القبلةُ بالأعذارِ من الخوفِ وشدةِ الحربِ، وتسقطُ بغيرِ عذر في النافلةِ، وغيرُها أمرُه صعبٌ متأكدٌ، فلا يُؤخَذ حُكمُه من حُكْمِهَا.

قيل: سقوطها بالأعذار إلى بدلٍ هو جهةٌ أخرى، حكمٌ من أحكامِ الشرعِ مع عدمِ البلاغِ، ويكفي ذلك، ولسنا قائِسينَ غيرَه عليه، بل آخذين وقائلين، فهل تقول أنت به لخفته؟ فمن قولك لا يَبْقى للفرقِ الذي ذكرتَهُ وجهٌ ينفعُك في المسألةِ.

ومنها: أن أصل الشرع لا يلزم إلا من بلغه (١ الحكم لقوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ ١) لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء: ١٦٥] {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا} [القصص: ٥٩] والعذاب نوعُ مؤاخذةٍ، وإيجابُ التكليفِ وعدمُ الاعتدادِ بالعباداتِ على الوجه المشروعِ أولاً مؤاخذاتٌ أيضاً.

ومنها: أن من لم يبلغه النسخُ لم يعلمْ بالخطابِ، فلا يلزمُهُ حكمُ الخطابِ، كالصبيِّ والمجنونِ والنائمِ، يوضح هذا: أنَّ عدمَ العلمِ لا يقبَلُ (٢) التفاضلَ والتزايدَ، فإذا اتفقَ عدمُ العلم لأجلِ عزوبِ السماعِ، وعدمُ العلم للجنونِ، والنوم، في نَفْي العلمَ، وَجَبَ أن يتفقوا في نفي الخطابِ.

ومنها: أن هذا الذي لم يبلغه النسخُ لو فعل العبادةَ على الوجه الذي حصل به الناسخُ، أَثِمَ وحَرِجَ وكان عاصياً، ومحالٌ أن يكون


(١ - ١) محلها في الأصل مطموس.
(٢) في الأصل: "يبقل".

<<  <  ج: ص:  >  >>