للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحقُّ الآدمي يتعلقُ عليه الغرمُ الذي لا يختلفُ بالعلمِ والجهلِ والخطأ والعمدِ.

على أن قياسَ الأصولِ على الفروعِ، وأخذَ أحكامِها منها، يخالفُ الوضعَ، وإنما يستقى حكمُ الفرعِ من الأصلِ.

ومنها أن قالوا: النسخُ إسقاطُ حقٍّ لا يعتبرُ فيه رضا مَن يسقطُ عنه، فلا يعتبرُ فيه علمُهُ، كالطلاقِ والعتاقِ والإبراء.

وقالوا في النسخ إذا كان إباحةً بعدَ حظرٍ: إباحَة لِمَا حَظَرَ عليه، فلم يقفْ ثبوتُ حكمِهِ على العلمِ، كما لو قال لامرأته: إن خرجتِ بغير إذني فأنت طالقٌ، وأذنَ لها من حيث لا تعلم، ثم خرجَتْ، فإنه يَثْبُتُ حكمُ الإباحةِ، ولا يقعُ الطلاقُ، كذلك ها هنا.

وتصرفوا في هذه الطريقة فقالوا: الإباحةُ تارةً تحصُلُ من جهة الله سبحانه، وتارةً تحصُلُ من جهةِ الآدمي، ثم الإباحةُ من جهةِ الآدمي يَثْبُتُ حكمُها قبلَ العلمِ، وهو إذا قال: أبحتُ ثمرةَ بستاني لكلِّ جائزٍ به وداخلٍ إليه، فكذلك الإباحةُ من جهة الله عز وجل (١ ....... ١) لكم التكليف المتضمن للثواب والعقاب من أقوال الآدميين وأفعالهم التي تقتضي الغرم وعدم الغرم، وهذا أخذٌ باطلٌ، ووضعٌ فاسدٌ، والطلاقُ والعتاقُ إتلافٌ للمتعة (٢)، والرِّقِّ ما وضع لإتلافه، وإنما كان إتلافاً لأنه إزالةُ ملكٍ لا إلى مالك، ولا يقتضي خطاباً.


(١ - ١) طمس في الأصل.
(٢) في الأصل: "لمكلفه".

<<  <  ج: ص:  >  >>