للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: يجوزُ أن يستويا في القطع، ولا يَنْسَخُ أحدُهما الآخرَ، كما أن خبر الواحد والقياسَ استويا في أنَّ كلَّ واحدٍ منهما مظنونٌ، ويجوزُ النسخُ بأخبارِ الآحادِ دونَ الأقيسةِ.

ولأنَّ الإجماعَ دليل مقطوع به، ولا يجوزُ النسخُ به.

والمعنى في القرآن مع القرآنِ؛ إنَّما نسخ الآي منْهُ بالآي؛ لتساويهما في التأكيد، وهو الإعجازُ الدال على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والأحكامُ المتعلقةُ عليه من منعِ الجُنُبِ مِنْ تلاوتهِ، والمُحدِثِ من مسِّه، وعدمُ صحةِ الصلاةِ إلا بشيءٍ منه، فصارَ في الحرمة، والتأكدِ على السنة، كتأكدِ السنةِ على القياسِ، وقولِ آحادِ الصحابة.

وعندي: أنَّ هذه الطريقةَ التي هي لإثباتِ النسخِ بالخبرِ المتواترِ معتمدةٌ، فلا بدَّ من إيضاحها، والكلامِ على كشفِ ما أجابَ به أصحابُنا، ومَن وافقهم فيها.

فنقولُ وبالله التوفيق: إنَّ الذي ثبتَ به القران، إنَّما هو أخبارٌ متواترة (١ .... ١) وليس لنا طريق إلى إثبات (١ ... ١) وليس وراء القطعِ زيادةٌ ولا تقبلُ الزيادة، فليسَ يبقى إلا الإعجازُ، وذلك لا يرجعُ إلى معنى سوى العلم بأنَّه كلامُ اللهِ، ومن حيث إنه دلَّ إعجازهُ على (٢) أنه كلامُ اللهِ، دلَّ على صدقِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في جميع ما يخبرُنا به، فإذا ثبتَ ذلك، لم يبقَ لنا طريق قطعى إلى أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما يَتغيَّرُ الحكمُ، أو يُبْتَدأُ به، إلا سماعُنا في معاصرتهِ، فإذا عدمنا ذلك، لم يبقَ ما يقومُ مقامَ سماعِنا منه إلا خبرُ التواترِ، فإذا ظفرنا به، صار كأنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: هذه الآيةُ منسوخة، نزل عليَّ الوحيُ بنسخِها، فوجَب


(١ - ١) طمس في الأصل.
(٢) في الأصل: "على إعجازه".

<<  <  ج: ص:  >  >>