للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحروفِ إعْجامٌ يزيدُ على التَشابُهِ؛ لأنه لم يُوضَعْ لشيءِ مُعَيَّنِ، فضلاَ عن شيئيْنِ، فإذا لم يُوضَعْ لشيءٍ واحدٍ، فكيف يَتَرَددُ بين الشيئَيْنِ؟.

فأما التَرددُ في الوَجْهِ: فقد يُعَبَّرُ به عن الأولِ، كقوله: {وَجْهَ النَّهَارِ} [آل عمران: ٧٢]،وبانَ انه أرادَ به الأولَ من قولِه: {وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} [آل عمران: ٧٢]، وقد يُعبَّرُ به عن خِيارِ الشيءِ وأَجْوَدِهِ، كوجهِ الثوْبِ، ووجهِ الحائطِ، وهو الذي يُحَسنُ بالَاجُر المَحْكُوكِ، والغَزْلِ المُحَسَّنِ، والعملِ المُجَودِ، وبين هذا العُضْوِ المخطَطِ الجامعِ للمحاسِنِ وَالحَواس.

واليدِ: بينَ الجارحةِ، والقُدرَةِ، والنَعْمَةِ.

والرَّحْمَةِ: بينَ الرقَةِ، والفعلِ الدال على إرادةِ الخَيرِ، أو إرادة الخيرِ ودفعِ الضيْر.

والغَضبِ: بين غَليانِ دم القلبِ طَلَباً للانتقامِ، وبينَ التَعذيبِ والانتقامِ الذي يدل على غَضَب من يَصدرُ عنه من الخَلْقِ.

وعلى هذا الاشتباهِ جميعُ ما يَجيءُ من الأوصافِ، فقامت دَلاَلةُ العَقْلِ والنصَ على نَفْي مالا يليقُ به مما هو وصفُ الأجسامِ المُحْدَثَةِ، وهو الأوَّلِيَّةُ والتَّخْطِيطُ والجارحةُ، ولم يَبْقَ إلا أَحَدُ مَذهبَيْنِ: وهو نَفْسُ الذَاتِ، فيكونُ معناهُ: ويَبْقَى رَبُّكَ، وكذلك قولُه: {وَكُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] والمرادُ به: إلأَ هُو (١).

أو قول أصحابنا بالوقوفِ عن التفسير والتأويل (٢).


(١) هذا من تأويلات المعطلة، والصواب إثبات الوجه الله عز وجل على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى.
(٢) جمهور الحنابلة وغيرهم من أئمة السلف يثبتون الصفات ويعتقدون معانيها،=

<<  <  ج: ص:  >  >>