للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ غايةَ ما اعتَلَّ في تركِ الروايةِ عن بعضِ مشايخهم، أنَّه رأى سراويلَه على شراكِ نعلِه، لأجلِ الحديثِ فيما نزلَ من الإزارِ على العَقبِ (١) فعَلَّلَ بذلك، ولم يذكر الرأي، وكيف يذكرُ تركَ الرِّوايةِ لأجلِ الرأي الذي هو القياسُ، وهو ممَّن عمل بالرأي، يَذُمُّ ما ذهب إليه؟! وقد قاسَ، وعمل بالقياس، وردَّ على داود، ويذم أهلَ الظَّاهر، حتى قال في داود ما قال، وقاسَ هو وعملَ بالقياس (٢).

وكيف يذم الأرئيتية لأجلِ القياس؟ وأول من قال: "أرأيت" النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتِ لو كان على أبيكِ دينٌ فقضيتيه" (٣)، "أرأيتَ لو تمضمضت" (٤)، يقول ذلك لمَنْ سألتْ عن الحجِّ عن أبيها، ولِمَن سألَ عن قُبلةِ الصَّائم.

وإنَّما يحملُ كلامُه في نفي الرِّوايةِ وفي الذمِّ، على أهلِ الأهواءِ الذين ردُّوا السُّننَ بالآراءِ، فأمَّا ما خلا ذلك فلا يُظنّ به مع دخولهِ في القياس، وعملِه به، وبناءِ مذهبِه عليه في مسائلَ عدَّة ليس له فيها آية، ولا خبرٌ، ولا قولُ صحابيٍّ.


(١) يعني قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسفل من الكعبين من الإزار، ففي النار"، أخرجه أحمد (٩٣١٩)، والبخاري (٥٧٨٧)، والنسائي ٨/ ٢٠٧، والبيهقي ٢/ ٢٤٤، من حديث أبي هريرة.
(٢) انظر "أصول مذهب الإمام أحمد" الصفحة (٦١٦) وما بعدها.
(٣) تقدم تخريجه ٢/ ٥٤.
(٤) تقدم تخريجه ٢/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>