للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا قياسُهم على القرآن فغيرُ صحيحٍ، لأنَّ ذلكَ لفظُه ونطقُه إعجازٌ، فتغييره (١) لا يجوز، ولو لم تكَن آيه محكمةً، حتى [لو] كانت قصصاً، أو وعيداً للأمم السَّالفةِ أو مثلاً على أنه هو الحجة، لأنه لا يسقطُ الحكمُ الذي [ذَكَر] معناه الناقلُ بالمعنى، مثل قوله: إذا نوديَ للصَّلاة فامضوا ودعوا التبايعَ، ويقول: أنا سمعتُ ذلك، فإنَّه لا يكونُ قرآناً، ويكون الحكمُ ثابتاً، كما غيَّر ابنُ مسعود التلاوةَ بالتفسير، ولم يسقط حكمُ الغيَّرِ، وإنما سقطَ النطقُ عن كونهِ قرآناً.

على أنَّ القرآن لو قَدَّمَ فيه المؤخر، لم نُجِزْه، فتلا بدل {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} [آل عمران: ٤٣]: اركعي واسجدي، لم يجز، ولو قال في روايةِ الحديث: "لا جنَبَ ولا جلبَ" أو قال: "لا جلَب ولا جنبَ" (٢) كان سواءً، وكذلك إذا روى: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر أسماء بالغَسْلِ للدمِ والحتِّ والقرصِ (٣)، أو قدَّمَ ما أخَّر، جاز.

وأمّا الأذانُ والشَّهادةُ، فذلكَ تَعَبُّدٌ لا يحصلُ إلا بالصيغة التي تعبَّدَنا الشَّرعُ بها، كهيئاتِ التعبداتِ، وإذا غيَر لم نفهمِ الدُّعاء إلى الصَّلاةِ به، ولم نعلم أنَّه صادفْنا فيه الأصلحَ، وليسَ القصدُ به العملَ فنعملَ به، إنَّما القصدُ التعبدُ بالصيغةِ، والعملُ به الاستجابةُ والقصد إلى مواضع


(١) في الأصل: "فتغيره ".
(٢) تقدم سؤيجه ١/ ٥١.
(٣) يعني قوله - صلى الله عليه وسلم -لأسماء: "حُتِّيهِ ثم اقرصيه" تقدم تخريجه ١/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>