للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكاثرِ، فصاحب المتاع هو المالكُ، وأصحابُ القريةِ مُلازموها، [و] أصحابُ الكهفِ والرَّقيم [ملازموه]، وأصحابُ الجنَّةِ ملازموها ومالكوها، وأصحابُ الرَّسِّ الملازمونَ لَهُ، ويقالُ: أصحابُ أبي حنيفةَ وأصحابُ الشَّافعيِّ لِمَنْ نَقَلَ عنهما العلمَ وعُرِفَ بِهِما (١)، فأمَّا جيرانُه، ومَنْ صلَّى خلْفَهُ، أو عامَلَهُ، فلا (٢) يُسمَّى صاحباً له على الإطلاقِ، وإنَّما يكونُ على التقييدِ، يقالُ: صَاحَبَهُ في السَّفرِ، وفي السَّفينةِ. ولهذا لا يقال: أصحابُ الحديثِ، إلاَّ لأهلِهِ، والمكاثرينَ لدراسَتِهِ وقراءَتِهِ، والآخذينَ لهُ عنْ أهلِهِ، والنَّاقلينَ لَهُ إلى سامعِيْهِ. فصيغةُ الصُّحبةِ موضوعةٌ لهذا دونَ ما سواهُ، فلا ينبغي أَنْ يقع اسمُ صحبةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ على الحقيقةِ العهودةِ المستعملةِ بينَ النَّاسِ، وعلى ما يعهدُهُ أهلُ اللغةِ.

قالوا: والذي يوضِّحُ هذا أَنَّهُ يحسُنُ النفيُ لاسمِ الصُّحبةِ عمَّنْ لم يلازمْهُ، فنقولُ: فلانٌ لم يصحبِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكنْ وفَدَ عليه، لكنْ جاءه في رسالةٍ، لكن سايره في الغَزاةِ الفلانيةِ. ويقولُ القائلُ: لم أصحبْ أبا حنيفةَ، لكنْ رأيتُهُ وكنتُ ممَّنْ صلَّى خلْفَهُ، وعاملتُهُ لكنْ ما صحبْتُه. فعُلمَ أَنَّ الصَّاحاب لا يقعُ إلاَّ على اللازمِ أو النَّاقلِ العلمَ عنْهُ.

والجوابُ: أَنَّ الوفودَ التي كانتْ تَرِدُ عليه من المسلمينَ كانَ يُطلَقُ عليهم اسمُ الصُّحبةِ، ولو كانوا كفَّاراً لم يقعْ عليهم الاسمُ، لأنهم غيرُ


(١) في الأصل: "وعرفا به".
(٢) في الأصل: "لا".

<<  <  ج: ص:  >  >>