معَ العلماءِ لمْ يبقَ تابعٌ ولمْ يتحقَّقْ لنا متبوعٌ أَيْضاً؛ لأنَّ التبوعَ مَنْ لَهُ تابعٌ، لأَنهُ مِن بابِ المتضايفاتِ فلا بدَّ للمتبوع مِن تابعٍ، فإذا كانَ العامِّيُّ والعالمُ متبوعَينِ فأين التَّابعُ؟ وإذا لم يكن تابعٌ فأينَ (١) حقيقَةُ المتبوع؟!
وأمَّا قولُهم: إنَّ هذا استدلالٌ بدليلِ الخطابِ وليسَ بحجَّةٍ عندَنا، ولا يثبتُ بِهِ مثلُ هذا الأصلِ، فليسَ بدليلِ خطابٍ، بلِ استدلالُنا منه تحريمُ تركِ سبيلِ المؤمنينَ بإلحاقِ الوعيدِ بتركِهِ، وعندَكم لا يحرمُ أتباعُ غيرِ سبيلِهمْ، بلْ يجوزُ أَنْ يتَّبعَ ما دلَّ عليهِ اجتهادُ المجتهدِ وإنْ خالفَ سبيلَهم، ولأَنه لمَّا ذَمَّ وتواعدَ التبِعَ غيرَ سبيلِهم، لم يبقَ ما يُتبَعُ ويجبُ اتباعُهُ إلا سبيلُهم، إذْ لا سبيلَ ثالث؛ لأَنَّه لا يتحقَّقُ سبيلٌ لا هُوَ سبيلُهم ولا غيرُ سبيلِهِم.
وأمَّا قولُ الإِماميةِ: إنًا قائلونَ بالآيةِ إذا كانَ فيهم الإمامُ، فليسَ بصحيحٍ؛ لأَنَّ الآيةَ تقتضي لحوقَ الوعيدِ بِمَنْ خالفَ جماعةَ المؤمنينَ، وعندَهم إذا خالفَ الكلَّ لحِقهُ الوعيدُ بمخالفةِ الإمامِ وحدَهُ، ولوْ كانَ القصدُ الإمامَ وحدَهُ لَمَا كانَ لذِكْرِ المؤمنينَ معنًى، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لمَّا. كانَ لذكرِ المؤمنينَ معنًى عَطَفَهم على الرَّسولِ في إلحاقِ الوعيدِ. بمشاقتِهِ، ولم يقْنعْ بذكر الرَّسولِ وحدَهُ، ولا بذكْرِ المؤمنينَ على حِدَتِهم، لعِلمِهِ سبحانَهُ بأَنهُ ستحدثُ حوادثُ بعدَه يحكمُ فيها المؤمنونَ، فإذا أَجْمعوا كانَ إجماعُهم بعدَهُ في إلحاقِ الوعيدِ بِمَنْ خالَفَهُ كحكمِهِ - صلى الله عليه وسلم - حالَ حياتِهِ،
(١) في الأصل: "فان".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute