إجماعاً منهم على قولِنا، وكذلك ابنُ عباسٍ وابنُ مسعودٍ انفردا عَنْ جميع الصحابةِ بمسائلَ معروفةٍ، ولم يمنعوا مِن الخوضِ في الخلافِ، ولا قيلَ لهما: قدْ حجَّكم الإجماع، فأمسِكوا عنِ المخالفةِ.
ومنها: أنّه لو ثبَتَ هذا المذهبُ عدِمنا الثِّقةَ بالإحماع؛ لأنَّ كلّ واحدٍ مِن المجتهدينَ إذا عَلمَ أنّه لا يعوَّلُ على قولِه في الإجماع ولا يختلُّ بخلافِه، صانَ نفسَهُ عَنْ إسقاطِه؛ لأنّه فاسدٌ، وتحريرُ هذا يُسْقِطُ الثّقةَ بالموافقةِ.
ومنها: أنّه إنّما أثبتْنا العصمةَ والقطعَ بقولِ الجماعةِ لأجلِ أنّ الشّرعَ نَطَقَ بذلكَ، فقالَ:"أمّتي لا تجتمعُ على خطأٍ"، ورُويَ:"على ضلالةٍ"، فإذا لمِ يكنْ لنا إجماعٌ بلْ كانَ الخلافُ واقعاً، بقينا على الأصلِ وأنْ لا عصمة.
ومنها: أنّه لو قلَّ أهلُ الاجتهادِ فلمْ يبقَ إلاّ الواحدُ والاثنانِ، لوباءِ عَرَضَ، أو لِفِتنةٍ استوعبتْهم -والعياذُ باللهِ- كما قلَّ القرّاءُ في قتالِ أهلَ الرِّدَّةِ بكثرةِ مَنْ قُتلَ مِن قُرّاءِ السلمينَ، كان مَن بقيَ مِن المجتهدينَ مستقلاً بالإحماع، ولم ينخرمِ الإجماع لعدَمِ الكثرةِ، وإذا كانَ هذا العدد القليلُ يصلُحُ لإثباتِ أصلِ الإجماع المقطوع بهِ، فأَوْلى أنْ يصلُحَ لفلِّ الإجماع واختلالِه. بمخالفتِه.
ومنها: أنّا لا نأمَنُ أنْ يكونَ الحقُّ في البلدِ ومع العددِ اليسير، كما كشفتِ الحالُ عَنْ إصابةِ أبي بكرٍ فيما توحَّدَ بهِ مِن الرّأيِ بذمِّ الرِّدَّةِ، حيثُ صارَ الكلُّ إلى قولِهِ، وكما كشفَ الوحيُ عنْ إصابةِ عمرَ في