للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآحادِ لا يُقطَع بصدقِهِ، ويجوزُ عليهِ الكذبُ، فأمّا في مسألتِنا، فإنَّ كل واحدٍ مِن الفريقينِ يجوزُ عليهِ الخطأُ، ولا يقطع بصوابِه، ولأنّ الأخبارَ تُقدّمُ وتُرجح بكثرةِ العددِ، ولا يرجح إلاجتهادُ بكثرةِ العددِ، بل ببلوغ الحدِّ المعصومِ، والمعصومُ هو: ما لايختلفُ علماء العصرِ فيهِ، ولا عصمةَ مع الخلافِ، كما لا قطعَ بصدقِ الرّواةِ مع عدمِ التواترِ.

وأما قولُهم: الأَخبارُ تُرجح بالأعداد، كذلكَ ها هنا نرجِّحُ الأكثرينَ مِنَ المجتهدينَ على الواحدِ والاتنينِ، فليسَ ممَّا نحنُ فيهِ بشيءٍ؛ لأَنَّ أقوالَ المجتهدينَ لا ترجَّحُ بكثرةِ العددِ، فما (١) تعلَّقوا بِه مِن التَّرجيح ليسَ. بمؤثر في مسألتِنا.

فأمَّا خلافَةُ أبي بكرٍ، فإنها انعقدت بمن بايَعَ منهم، وليسَ مِن شرطها الإجماعُ، ثم إنَّ إجماعَهم لوْ كانَ مشروطاً كانَ من شرطِهِ حضورُهمِ، ولأوفَوْها حالةً واحدةً ومجلساً واحداً، وقدْ دخلَ النَّاس في بيعته أرسالاَ، وجاءَ أهلُ البيتِ راضينَ (٢ ببَيعَتِه، مُقبلين ٢) على مبادَرَتِه معتذرينَ عَنْ تخلفِهم بشُغلِهم. بمصابِهم برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فاعتذرَ كلّ منهم إلى صاحبِه، وأجمعتِ الأمة عليهِ. وأمّا الأنصارُ فكانت لهم جولة قبلَ سماع ما رُويَ لهم مِن قولِ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -: "الأئمةُ من قريشٍ" (٣)، [ثم] زالَ خلافُ الأنصارِ


(١) في الأصل: "فيما".
(٢ - ٢) غير واضح في الأصل.
(٣) تقدم تخريجه ٣٧٦١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>