للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليسَ تنقصُ عنه، فلا إجماعَ مع انخرامِ اتِّفاقِهم. بما عَرَضَ مِن اختلافهم.

وأمَّا سؤالُ أصحابِ الشَّافعيِّ على التفصيلِ، فليس بصحيح؛ لأنَّ قولَهم بعدَ السُّكوتِ وبعدَ التلوُّمِ فإنَّما قضيَ بِه، لأنهُ رأي صدرَ عنِ اجتهادٍ، فإنْ ترجَّحَ بالقولِ على الإمساكِ، فقدْ ترجحَ الثَّاني على الأَوَّلِ بطولِ التأمُّلِ ومراجعةِ الرأيِ، وما زالَ العقلاءُ يبنونَ على الرأيِ المتأخِّرِ المختَمِرِ لِمَا يحصلُ فيهِ مِنْ طولِ المُهلةِ، وكلُّ رأيٍ فَطيرِ وإنْ كانَ من جماعة، فالمختمرُ أَوْلى، وإن كالت مِن دونِهم عدداً. ولا رَأينا قولاً كان حجَّةً على قائِلِهِ، معَ كونِهِ صادراً عن رأيِهِ، يَحجُزُه عَنِ العملِ برأيِهِ الثَّاني.

فإن قيلَ: بلْ قدْ يمنعُ الأوَّلُ العملَ بالثاني فيما طريقُهُ الاجتهادُ، ويكون قولُ الواحدِ الأوَّلِ مانعاً مِن نفوذِ قولِه الثَّاني، بدليلِ أنَّ الحاكمَ إذا حكمَ في حادثةٍ باجتهادِهِ ثُمَّ بانَ لَهُ باجتهادِه، الثًاني أنَّ (١) الحكمَ الأَولَ خطأ، فإنَّه لا ينقضُ الحكمَ، ولا يمنعُ نفوذَهُ تجَويزُ حدوثِ اجتهادٍ مِنَ الحاكمِ بعدَ الأَولِ.

قيلَ: الحكمُ هوَ الحجَّةُ عليكم، لأنَّ (٢ مَن حَكَم ٢) في قضيةٍ بحكم لشخصينِ تحاكما إليهِ ثُم جاءا يتحاكمان عنده في تلك القضية، وجب أن يقضيَ فيها باجتهادِهِ الثاني، حتَّى إذا كانَ قد تَغيَّرَ اجتهادُه حكمَ في


(١) في الأصل: "لأن".
(٢ - ٢) طمس في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>