للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجماعُ بالاختلافِ (١كي لا ١) يؤدي إلى إبطالِ الإجماع، والمستقرّ مِنْ إجماع الصحابةِ هوَ تجويزُ تقليدِ كلِّ واحدٍ مِن الفريقينِ وتسويغ قولِه، فلا يجوزُ أنْ يزولَ هذا المستقرُّ بإجماع التّابعينَ.

ومنها: أنّ كلَّ واحدٍ مِن الفريقينِ كالحيِّ الباقي في كلِّ عصرٍ، ولهذا تُحفظُ أقوالهم بعدَهم ويحتجُّ بها، وإذا كانوا بمنزلةِ الأحياءِ وجبَ أنْ لا يعتدَّ بالإجماع مع خلافِهم.

ومنها: أنّ هذا الحكمَ كان يسوغُ فيهِ الاجتهادُ، ولا يجوزُ نقضُ الحكمِ على مَن حَكَمَ بِه بخلافِ الإجماع، وهذا نسخ بعدَ انقطاع الوحي، وذلكَ لا يجوزُ.

ومنها: أنّه اختلافٌ حصَلَ مِن الصحابةِ فلا يزولُ بإجماع التّابعينَ، كما لوِ اختَلَفت الصحابةُ على قولينِ وأجمعَ التّابعونَ على قولٍ ثالثٍ.

ومنها: أنّه لوْ كانَ إجماعُ التّابعينَ على أحدِ القولينِ مُسقِطاً لِما تقدَّمَ مِن الخلافِ، لَوَجبَ أنْ يُنقَضَ كلُّ حكمٍ حُكِمَ بِه في عهدِ الصّحابةِ بخلافه؛ لأنّه مقطوعٌ ببطلانِه، كما إذا حَكَمَ الحاكِمُ ثُمَّ بانَ لهُ فيما حَكَمَ بِه إجماعٌ أو نصٌّ يخالفُ ما حَكَمَ بِه، فإنّه ينقضُ حكمه، فلما لم ينقض ها هنا عُلمَ بطلانُ كونِه إجماعاً، فإنْ قالوا بذلكَ وارتكبوهُ فقدْ أَبطلُوا، وذلكَ أنّ الصحابةَ أجمعوا على صحّةِ ذلك وبقَّوهُ، وكلّ حكمٍ اجتمعتِ الصّحابةُ عليهِ لم يَجُزْ للتّابعينَ الإجماعُ على خلافِه كسائرِ الأحكامِ.


(١ - ١) غير واضحة فِى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>