للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: في إسنادِ الإجماع: وهو دلالةٌ قطعيَّةٌ، إلى القياسِ: وهو أمارةٌ ظنيَّةٌ ضَعيفةٌ، خروجٌ عن سَمْتِ وضْع الأصولِ شرعاً وعقلاً، ويشهدُ لضعفِ القياسِ: أنَّ مخالف القياسِ لا يُفَسَّقُ ولا يُبدَّعُ، ومَن خالفَ الإجماعَ فسِّقَ وبُدِّعَ، فلا يجوزُ أنْ يستندَ ما هذهِ حالُه في القُوَّةِ إلى ما تلكَ حالُه في الضعفِ، بل دأبُ الأصولِ استنادُ الأضعف إلى الأقوى، كاستنادِ الإجماع إلى قولِ الصَّادقِ: "أمتي لا تجتمعُ على ضلالةٍ"، وإلى كتابِ اللهِ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء: ١١٥]،، ويستند قولُ الرَّسولِ إلى دلالةِ المعجِزِ الدالِّ على صدقِه، وتستندُ دلالةُ المعجزِ إلى ما دلَّ العقلُ عليهِ مِن إثباتِ صانع حكيمٍ لا يؤيد كذاباً بالعجِز، فأمّا أنْ يوجدَ في الأصولِ دلالةٌ قطعيةٌ تستندُ إلى أمارةٍ ظنِّيةٍ [فلا] (١).

ومنها أنْ قالوا: الإجماع أصلٌ، والقياسُ فرع، والاجماعُ معصوم عنِ الخطأِ، والقياسُ عُرضةُ الخطأِ، ولهذا قُدِّمَ عليه خبرُ الواحدِ المجوَّزُ عليهِ الكذبُ، فلا يجوزُ أنْ يستندَ الأصلُ إلى الفرع، والمعصومُ إلى المجوَّزِ عليه الخطَأُ.

ومنها: أنّ القياسَ لا يُقطَعُ على إصابتِه، ولا يقطعُ على تخطئةِ مخالفِهِ، ولهذا يكونُ بدخولِه في الرأيِ عُرْضةً للرجوع (٢) والنزوع عمّا ذهبَ إليهِ بالرأيِ والقياسِ، والإجماعُ لمجبُ أنْ يكونَ قطعياً، فكيفَ يستندُ ما لا


(١) ليست في الأصل.
(٢) فِى الأصل: "الرجوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>