للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلكَ تلكَ اللحظة التي تكلمَ فيها عيسى، إنْ كانت عن شيءٍ وَقَرَ في صدرِه من اعتقادٍ قبلَ أوانِ الاعتقادِ، كما نطقَ لسانُه قبل أوانِ النّطقِ، كانَ بذلك مخصوصاً، وذلك لايُسقطُ طرقَ المعارفِ في حقِّ بقيَّةِ المكلفين.

قالوا: أليسَ الله سبحانَه لما استخرجَ ذريَّةَ آدمَ من ظهرِه وأشهدَهم على أنفسِهم وأخذَ عليهم الميثاقَ، كانَ بغيرِ نظرٍ ولا استدلالٍ، لكن بمجردِ الاستنطاقِ والإلهامِ، وجعلَه حجَّةً حيث قال: {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: ١٧٢]؟

فيقال: إنَّ الإخراج هو بالتناسل، والإشهادَ بعد تكاملِ العقل للنظرِ والاستدلال ......... (١ كما خلقَ لنا الحيوان لنَنْتفعَ ١) بِلبنهِ وسِخالِه ولحمانِه، فهو بينَ مركوب ومحلوب، وحابسٍ وحارس، ومترنِّم ومترسِّل، كلُّ ذلكَ دليلٌ على صانعِه وخالقِه، وآيات (٢) من القرآن تدلُّ على أنه إنما أرادَ بالإشهاد ما أشرنا إليه، من ذلك قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: ٢٥ - ٢٦] {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (١٢) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (١٣) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (١٤) لِنُخْرِ جَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (١٦)} [النبأ: ١٢ - ١٦]، {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المرسلات: ٢٠ - ٢١]، {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ


(١ - ١) في الأصل طمس، وانظر "العدة" ٤/ ١٢٢٣ و ١٢٢٤.
(٢) تحرفت في الأصل إلى: "ونفات".

<<  <  ج: ص:  >  >>