للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو منعَ وحظرَ، أو أباحَ وأطلقَ، لم يجز أن يردَ الشَّرعُ بخلافِه، كذلك إذا حكمَ بالحظرِ لايجوزُ أن يردَ الشَّرعُ بما يخالفُ قضيته من الحظرِ بالوقفِ، ولاقضيَّتَه بالاباحةِ إلى الوقف، فقد لزمكم من استدلالكم ما ألزمتمونا.

ومن ذلك: أن نسألكم عن أفعال وأقوالٍ مخصوصةٍ فعلها فاعل، وقالها قائلٌ قبل ورودِ السَّمع، وهي أنَّ عاقلا بالغاً نظرَ واستدلَّ فعرفَ بنظرِه واستدلالِه حدوثَ (١) العالَمِ، ووجودَ الصّانع، وأنَّه المنعمُ بالإيجادِ، وأنه الواحدُ، فهل يكون قولُه بالتثنيةِ والتثليثِ، أو بِقِدَمِ العالَم، أو سجودُه لصنم وصرفُ الشكر الصادرِ عنه إلى غير الواحد القديم الذي حكم بوحدته وإنعامه (٢ ............................ ٢) على ما قدمت.

وإن قلتَ بالإباحةِ، كان أكبرَ من ذلك لما في ذلك من كفرِ النعمِ، وصرفِ الشكرِ إلى غيرِه، ولمناقضة ما قدمت من أنْ لاطريقَ لكَ إلاً السَّمعُ، ولا سمع.

فيقال: إنَّ فرضَ السائلِ الداخلةِ تحتَ ما قرَّرنا من الأصلِ، تفريعٌ لما قد استقرَّ الخلافُ فيه، وعُلمَ من جملتِه مالا يَحسُنُ استدعاءُ الكلامِ في تفصيله، ونحن إذا قلنا بإبطالِ قضايا العقولِ في التحسينِ والتقبيح، والإباحة والحظرِ، لم نحكم في قولٍ ولا فعلٍ بحكمٍ، بل نكونُ منتظرين لما يَرِدُ به السَّمعُ، والشرع يأتي بالعجائب، ودلائلُ الإعجازِ الدَّالةُ على


(١) في الأصل: "حدث".
(٢ - ٢) طَمسٌ في الأصل بمقدار ثلاثة أسطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>