للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} الى قوله {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: ١٦٤]، فهذه الآي وأمثالُها حث على النظرِ، وهو التأمُّلُ فيما ابتدعَ من صنائعه استدلالاً على إثباته والتصديق لما جاءت به رسله ممَّا وعد، وتواعد به من البعث بعد الموت، (١ فلما جاء أحدُهم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعظمٍ حائلٍ، ففتَّهُ بيده وقال: يا محمد، أيُحيي الله هذا بعدما أرى؟ قال له: "نعم، يبعث الله هذا ثم يُميتك ثم يُحييك تم يدخلك نار جهنم " (٢). وقال سبحانه ١):

{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} [يس: ٧٨]، وفي قوله: {وَنَسِيَ خَلْقَهُ} أتمُّ حجَّةٍ، وأبلغ استدلالٍ (٣)، لأنَّ مبدأ خلقِهْ الأول ترابٌ، وثانيَه ماءٌ مَهين، فإذا كانَ ابتداءُ خلقِه من نطفةٍ قذرة-، لايسوغُ له استبعادُ إعادتِه من رِمَةٍ نَخِرة.

ولما قال الآخر: أتزعم أنَّ الله يُعيدنا من الأرضِ أحياءً؛ قال له: يا أعرابي: أمررتَ بالأرضِ الجُرزِ الميتةِ، وعُدتَ وهي خضراءُ حيَّة تهتزُّ بالنباتِ؛ فقال: نعم، قال: وكذلكَ النّضورُ (٤). وذلكَ عينُ المعنى الذي


(١ - ١) طمس فِى الأصل، وقدرناه بحسب ما بعده.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٤٢٩ عن ابن عباس، وانظر "الدر المنثور" ٥/ ٢٦٩.
(٣) في الأصل: "استدلالاً".
(٤) أخرجه أحمد ٤/ ١١، ١٢، والبيهقى في "الأسماء والصفات" (١٠٦٩)، والطيالسى (١٠٨٩) عن أبي رزين العقيلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>