للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمِ كتاب الله وحكمِ رسولِهِ، وحكمُ ١) الرَّسوِل، يعني سُنَّته، بدليل أنه لايوجدُ الرَّسولُ في كلِّ عصر، وإنَّما الموجودُ سنته، وهذا يعطي الرُّجوعَ إلى ما يوجب في الكتابِ والسُّنَّة، وما ليسَ فيهما فقد صُرِفنا فيه إلى الرَّأي، بدلائلِ الأخبارِ والآثارِ المرويَّةِ في ذلك، ولأنَّ ذلك راجعٌ إلى الأحكامِ الشَّرعيةِ، فأمّا العقليةُ فلها حكمها.

وأمّا قوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: ٤٣] فإنَّما رجعَ إلى أحكامِ الفقهِ، والأمرُ للعوام، وأهلُ الذِّكرِ: المجتهدون.

ولأنَّ السُّؤالَ يعودُ إلى مَنْ ليس معه الآلةُ التي يتوصَّلُ بها، والعقلاءُ كلُّهم في العقلياتِ بمثابةِ المجتهدين في الشَّرعياتِ، لايَسألُ أحدٌ أحداً، ولا يقلِّدُ بعضُهم بعضاً.

وأمَّا قولُ النبيِّ عليه الصلاة والسلام: "إذا ذُكِرَ القضاءُ والقدرُ فأمسكوا (٢) " يعني: عن الاحتجاج بهما على التكليف، مثل قول عمر: ففيمَ العملُ؛ أفنتَّكِل؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:"بل اعملوا وسدِّدوا وقاربوا، فكلٌّ ميسرٌ لما خُلِقَ له" (٣).

ونهيه عن الجدلِ في القرآن إنَّما عادَ إلى طلب المناقضةِ والمقابلة، ولهذا


(١ - ١) طمس في الأصل، واستُدرك من "العدة" ٤/ ١٣١٤.
(٢) تقدم ص ٢٧٤.
(٣) أخرجه بنحوه البخاري (٤٩٤٩)، ومسلم (٢٦٤٧) من حديث على بن أبي طالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>