للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُويناهُ: مِن أنه مَدَحَ معاذاً، حيثُ قال: أَجتهدُ رَايى (١)، وْقوله: "إِذا اجْتَهَدَ الحاكمُ فأَصابَ، فله أَجرانِ، وإذا اجْتهدَ فأَخطأَ، فله أَجر" (٢)، وقوله: "أَرَأيْتَ لو تَمَضمَضْتَ؟ " (٣)، "أَرَأَيْتِ لو كان على أَبيكِ دَيْن؟ " (٤)، وما رويناهُ عن جماعةِ الصَّحابةِ وآحادِهم، ولا بُدَّ مِنَ الجمع بينَ هذين، فلم يَبْقَ للجَمْع وَجْه، إلَّا أَنَّ أَخبارَنا عادَتْ إِلى إِثارةِ المعاني مِنَ الظواهِرِ والنُّصوصِ لمسائلِ الفُروع، وذَمُّ الرَّايِ وأَهلِه في أَخبارِهم رَجَعَ إلى مَنْ تَرَكَ السُّنَنَ لأَجل الرَّاى؛ ومَن تَرَكَ السَّمعَ للرأيِ مُستحِقّ لِلذمِّ والوَعيدِ، وذلك مِثلُ تَعاطِي اِّلمُعترِضينَ من المُلحِدينَ على قوانينِ الشَّرع، وقولُهم: المَرْاًةُ ضِلْع أَعْوَجُ، والرَّجلُ مُكتسِب، فلِمَ فُضِّلَ عليها في المِيراثِ؟ والبَوْلُ والغائِطُ نَجِسانِ بإجماع، وهما أَخْبس وأكثرُ مِن المَنِيِّ، والمَنِيُّ مُختلَف في طهارتِه، فما بالُهَ يُغسَلُ لخروجه جميعُ البَدَنِ، ويُقْتَنَعُ في الطهارةِ عن الأَخبس بغَسْلِ أَعضاءٍ أَرْبع؟ وما باَلُ الشَّرع يُوجِبُ غَسْلَ الوجهِ واليَديْنِ ومسحَ الراسِ وغَسْلَ الرِّجلَيْنِ مِن خروج الغائطِ والبَوْلِ، ولا يُوجِبُ غسلَ مَخْرَجِهما؟ فهذا وأمثالُه، إذا قاله قائل، واعْتَرَضَ بأمثالِه معترِضٌ قَصْدَ الإزراءِ على الشَّرع، فذاك مارِقٌ مِنَ الدِّين، مُستحِقٌّ الوعيدَ


(١) تقدم تخريجه ٥١٢.
(٢) تقدم تخريجه ١/ ٢٩٤.
(٣) تقدم تخريجه ٢/ ٥٤.
(٤) تقدم تخريجه ٢/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>