للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتجاجه بقولِ النبيِّ: "إنما هو دَمُ عِرقٍ، فتَوضَّئِي لكلِّ صلاةٍ" (١) في إيجابِ الَوُضوءِ من الرّعافِ ونحوهِ، وصارَ بمثابةِ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: الوُضوءُ مِن كلِّ دَمِ عِرْقٍ. وحَكَاهُ عن الكَرْخِيِّ أيضاً، ولم يُفرِّقْ بين ورُودِ النَّصِّ بذلك قبلَ ثبوتِ حكمِ القياسِ وبعدَه.

قال أَبو سفيانَ: وذهبَ بعضُ شُيوخِنا: إلى أَنَّه لا يجبُ أَن يُحكَمَ بما وُجِدَتْ فيه تلكَ العِلَّةُ بحكمِ المنصوصِ عليه قبلَ ثبوتِ حكمِ القياسِ.

واختارَ هذا التفصيلَ أَبو سفيانَ، وهو قولُ جعفرِ بنِ حَرْبٍ (٢).

واختلفَ أَصحابُ الشافعيِّ:

فمنهم مَنْ قال كقولِنا.

ومنهم من قال: لايَجِبُ الحكمُ بذلك بما وُجِدَت فيه تلك العِلَّةُ إلاً أنْ يقومَ الدَّليلُ بذلك. وهو قولُ البَصْرِيِّ (٣)، وهو اختيارُ الإِسْفَرايينيِّ (٤) وهذه المقالةُ تُبْنى على العِلَّةِ الواقفةِ على مَحَلِّها، كالثَّمِنيَّةِ في الذًّ هبِ والفِضَّةِ.


(١) تقدم تخريجه ٢/ ١٢٠.
(٢) هو: أبو الفضل جعفر بن حرب الهمذاني المعتزلي، انتهت إليه، رئاسة المعتزلة في وقته، توفي سنة ست وثلاتين ومئتين."سير أعلام النبلاء" ١٠/ ٥٤٩.
(٣) هو: أبو عبد الله الحسين بن على البصري، الملقب بالجُعَل، تقدمت ترجمته ٣/ ٣٥٢.
(٤) هو: أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الاسفراييني الأصولي الاشعري. توفي سنة (٤١٨) هـ. "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>