والقرائِنِ، ولا يَدُلُّ على أَنَّ إِطلاقَه لا يَقْتَضِي الشُّمولَ والاسْتغراق، ولأَن هذا لَمَّا لمِ يَمْنَعْ جوازَ القولِ بالقياسِ، لايَمنَعُ التَّعدِيةَ، ولوَجَبَ أَن لا تَكُون علَّةَ إِلاَّ في الزمانِ الذي جَعَلَها علَّةً فيه، فيكون مقصوراً على الزَّمانِ الذي جَعَلَه علَّةً، ولَمّا لم يَصِحَّ أن يقالَ هذا في الزمانِ، [لم يَصِحَّ](١) أن يقالَ ذلك في الأَعيانِ.
وأَمَّا تَعلّقُهم بأَنَّ التحريمَ المُعلَّقَ على العِلَلِ الشَّرعيَّةِ إنَّما هو للمصلحةِ، فهذا عندنا لا يَقِفُ التَّكليفُ عليه، ولا يُقصَرُ التَّعليل أَيضاً عليه، ولو سَلمْنا على طريقِ التَّوسِعَةِ، فإِنَّ المصلحةَ لا تحدُّ في التَّعديةِ حيث عَلَّقَها على علًةٍ تَعُمُّ كلَّ موصوفٍ بها، وكلَّ محلٍّ هي موجودةٌ فيه، ولو أَرادَ تخصيصَ العِلَّةِ بمحللِّها ووقوفها عليه، لَمَا احْتِيجَ إلى ذكرِ التعليلِ، لأَنَّ حلاوةَ السُّكَّرِ تابعةٌ له، وكذلك شِدَّةُ عصيرِ العنبِ، فلَمَّا عَلَّلَ بالحلاوةِ والشِّدَّةِ، عُلِمَ أَنَّه أَرادَ زيادةً على المحلِّ.
وأَمَّا تَعلّقُهم بأَنَّها مجعولةٌ، فإِدتَّ كونَها مجعولةً لا يَمْنَعُ تَعدِّيَها، لأنَّها تَصِيرُ بعدَ جعلِها علَّةً كالمُوجِبةِ بنفسِها، على أَننا إِذا رَجَعْنا إلى التحقيقِ في الجَعْلِ، كانتِ العقليَّةُ أَيضاً مجعولةً؛ لأنّ التحرُّكَ في الجِسْمِ الذي قامَتْ به الحركةُ مجعولٌ لله تعالى، فهو الخالقُ للحركةِ، وخالق التحرُّكِ عندها، إِلاَّ أَنَّها هي المُوجِبةُ لتحرُّكِه.
وأَمَّا قولُه: عَبْدِي زيدٌ حُرٌّ، لأَنه أَسودُ، أَو: أُعتِقُه، لأنه أَسودُ، إِنَّما لم