للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استدامةِ ذلكَ، وهل الاستدامةُ إلاَّ الفعلَ بعينه (١)، لكنَّه امتدَّ بمعنى مضى عليه زمان بعدَ زمانِ، وهوَ في سعيِه في الدارِ الغَصْبِ خارجاً، كسعيِهِ فيها داخلاً صورة، وهوَ فَعل بنِيَ على التَّغَلُّبِ والتعدي، فلا وجهَ لصحَّةِ التوبةِ معَ بقائِهِ ودوامِهِ.

فيقالُ: نحنُ قائلونَ بموجب هذا الدليلِ، وأنَّ الدوامَ كالابتداءِ، لكنْ مَنْ يُسلِّمُ لكمْ أنَّ السَّاعيَ للخروج والتركِ، والخالعَ للثوبِ الغصبِ للتعرِّي عنْهُ وترك اللبسِ، معَ ندمِهِ على ما ابتدأَ، وعزمِه على أَنْ لا يعودَ إليهِ أبداً، يكونُ مستديماً؟! بلْ يجبُ أن نحقِّقَ ما الذي كانَ به آثماً وعاصياً في الابتداءِ، وهلْ كانَ إلاَّ الدخولَ بقصدِ الاستعلاءِ، ورفع اليدِ المُحِقَّةِ، وإثباتِ اليدِ المبُطِلَةِ؟ فلو لم يكنْ بهذه النيةِ، بل كانَ غيرَ عالمٍ، أوْ كانَ مغروراً به (٢)، أو (٣) كان مأذوناً لَهُ في ذلكَ، لم يكنْ عاصياً ولا آثماً، فإذا زالَ ذلكَ في الدوام، عُدِمَ الغَصْبُ بعدمِ القصدِ، وهل هوَ مأمورٌ بالتركِ والنّزوع، أم لا؟ فمن قولكم: بل هوَ مأمورٌ بالخروج، منهيٌّ عَنِ المقامِ، فيقالُ: فإذا امتثلَ الأمرَ، ونزعَ عَنِ الغَصْبِ بغايةِ الإمكانِ، كيفَ يقالُ: إنَّه مستديمٌ للغصبِ؟! وهل بقيَ بعدَ الندمِ والعزمِ إلاَّ صورةُ الفِعلِ؟! وهي صورةُ التركِ.


(١) في الأصل: "لعينه".
(٢) في الأصل: "بها".
(٣) في الأصل: "و".

<<  <  ج: ص:  >  >>