للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمنسوخُ عنه:- هو المكلف المتعبدُ بالفعل، الذي تُزالُ العبادةُ عنه بعد ثبوتِها، والحكم في الجملة من إباحةٍ وحظرٍ وإيجابٍ ونَدْبٍ، فتجبُ معرفةُ ذلك وتحصيلُه على كل فقيهٍ.

وأما الرافعُ، فقد يكونُ، وقد لا يكونُ، فليس هو ممَا لابد منه، وهو الحكمُ المنسوخُ به؛ لأنه ليس من ضرورة المنسوخِ أن يُنْسَخَ إلى شيء يَخْلُفُه، ويكونُ بدلًا عنه، بل قد ثبتَ ذلك، مثلُ: نسخِ الحَبْسِ في البيوتِ (١) بالجَلْد والتَغريب أو الرجم (٢)، وإبدالٍ التَّوَجُّهِ إلى بيت المقدسِ بالتَوَجُّه إلى البيت اَلعتيقِ (٣)، وَما رُفعَ ونُسِخَ لا إلى بدلٍ، مثلُ: رفعهِ صدقةَ النَّجْوى (٤) لا إلى صدقةٍ، وبدلٍ، بل قنوعٍ بما شرعَ من الصلاة والزكاة، ومثلُ نسخِه لسورة كانت مثلَ الأحزابِ لا نعلمُ لها بدلًا (٥).


(١) الوارد في قوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً} [النساء: ١٥].
(٢) بقوله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مئة، وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مئة، والرجم"، وقد تقدم تخريجه في الصفحة (١٩٣).
(٣) في قوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: ١٤٤].
(٤) أي: تقديم صدقة بين يدي نجوى النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت واجبة بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} [المجادلة: ١٢].
(٥) أخرج الطيالسي (٥٤٠)، وعبد الرزاق (١٣٣٦٣)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" ٥/ ١٣٢، والنسائي في "الكبرى" (٧١٥٠)، وابن حبان =

<<  <  ج: ص:  >  >>