للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً: فإنَّ في إيقاف ثبوتِ حكمِ الإجماع وكونِهِ حجَّةً على نقلٍ مقطوع إيقافٌ للأحكام (١)، وأينَ لنا طريقٌ قطعيةٌ في ذلكَ؛ ولوِ اعتبرْنا ذلكَ، لوجبَ أنْ يعتبرَ للنقلِ التواتر في السُّنَّةِ، وما أسقطْنا اعتبارَ التواترِ في السنةِ إلاً لتعذرِ ذلكَ، فإنَّه يفضي إلى تعطيلِ الأحكامِ، كذلكَ في بابِ الإجماع.

احتجَّ مَنْ منعَ ذلكَ: بأنَّ خبرَ الواحدِ مجوَّز عليهِ الكذبُ، متردِّدٌ بينَ الصِّحَّةِ والبطلانِ، والطريقُ يجبُ أنْ يحكمَ الثابت بهِ، فلهذا لم يثبتِ القرآنُ القطعيُّ بخبرِ الواحدِ، ولا أَثْبَتْنا النُّبوةَ بخبرِ الواحدِ، ومعنى ذلكَ: أنَّ نَبِيّاً ثَبَتَت نبوتُه بقيامِ العجز على يديهِ، فروى عنْهُ عدلٌ ثقةٌ مِنْ أصحابهِ، أنه قال: بعدي نبيٌّ، في زمان تَقْبلُ النُّبوُّةُ الخَلَف كزمنِ عيسى، أوِ الشرَكةَ كزمنِ موسى، شركَه هارونُ في النبوةِ؛ فإنَّه لاتثبت نبوة المُخبَرِ به [بخبرِ] الواحدِ عنِ النبيِّ، أنَّه قالَ: هذا نبيٌّ بعدي، أو معي، ولوْ أنَّه قالَ لنا: هذا معي وشريكي، أو هذا نبيٌّ بعدي، ثبتَ ذلكَ، وكذا (٢) إعجاز النبيِّ المخبَرِ [به]، وإنْ لم يكُن للمُخبَرِ (٣) بكونِهِ خلفاً وشريكاً مُعجِز يخصُّه، وكذلك لايثبت القرآنُ بخبرِ الواحد، كذلك ها هنا.

والجوابُ: أنَّ النبوهَ لايتعذرُ في إثباتِها الطريقُ القطعيُّ؛ إما لإعجازٍ (٤)


(١) في الأصل: "الاحكام".
(٢) في الأصل: "وكنا".
(٣) فِى الأصل: "الخبر".
(٤) في الأصل: "الاعجاز".

<<  <  ج: ص:  >  >>