للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

فيما (١) يَفْصِلُ به بينهما المخالفون، مما لا يتأتَّى على أصلنا؛ ليعرفَه الموافقُ، فيجتنبَه، وتتأكَدَ بمعرفتِه معرفةُ أصولِنا.

فمن ذلك: أنَّهم قالوا: وينفصلُ التَّخصيصُ عن النَّسخ؛ فإن من سبيل التَّخصيصِ أن يكون وارداً قبلَ ورودِ المخصوصِ أو معه أو عَقِيبَه بلا فصلٍ، لمنْعِ تأخّرِ البيانِ عنده عن وقت (٢) الخطاب، والنَسخُ لا يكون إلا متأخراً عن المنسوخ، لا قبلَه ولا مَعَه ولا عَقِيبَه، وهذا أصل نُخالفُه فيه، قد سَبَقَ بيانُنا له (٣).

ويكفي في الفصل بينهما عندنا أن يقالَ: النَسخُ لا بُد من كونه متأخَراً متراخياً عن المنسوخ، والبيانُ ليس كذلك، لأنه قد لا يكونُ متراخياً، بل يكون قبلَه أو مَعَه أو عقِيبَه، وقد استوفينا ذلك فيما قَبْل.

ومما فَصَلُوا به أن قالوا: من بيان النَسخِ أن يتناولَ الأزمانَ فقَطْ، ومن حقِّ التَّخصيصِ أن يتناولَ الأوقاتَ والأعيانَ وأحوالَ الأعيانِ وصفاتِها وأفعالَها، وهذا ليس بصحيح؛ لما أوْضَحْناه من قَبْلُ أن النسخَ لا يتناولُ ذواتَ الأزمان، ولا ذواتَ الأعيانِ وأحوالِها وصفاتها وأفعالها، وإنما يتناولُ الأفعالَ الواقعةَ في (٤) الأوقاتِ والأعيانِ، دونَ ذواتِ الأحوالِ والصِّفاتِ، وقد سَبقَ في بيان هذا ما أغنى عن إعادته (٥).


(١) في الأصل: "مما".
(٢) في الأصل: "قرب"، وهو تحريف.
(٣) انظر الصفحة (٢٢٣).
(٤) في الأصل: "من" والأنسب ما أثبتناه.
(٥) انظر الصفحة (٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>