للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا سبيل إلى، علمه إلا بحُجَّةٍ؛ من قِبَلِ أن المدعيَ له والمنكرَفيه سواءٌ إلا أن يكونَ مع أحدِهما حُجَّةٌ، فيَثْبُتَ مذهبَه دون الآخَرِ، وليس يجوزُ أن يَثْبُتا جميعاً؛ لأن أحدَهما يقول: هو حق. والآخَرُ يقول: هو باطلٌ.

لا اجتماعَ لهما في حكم واحدٍ، ولا حقيقةٍ واحدةٍ، وكذلك إذا قال أحدُهما: هو صدقٌ. وقال الآخرُ: هو كذبٌ. إذ لا اجتماعَ لهما في خبر واحدٍ، وسواءٌ كان ذلك في علم الدِّين، أو غيرِه من العلوم.

فصل

ولا يخلو الحكمُ الذي يظهرُ من الأصل على طريقة الحُجَّةِ من أن يكونَ فى معنى قضيةٍ واحدةٍ أو أكثرَ، فالحكمُ الذي يظهرُ من معنى القضيةِ الواحدةِ، كقولك: كلُّ مؤمنِ موحِّدٌ، أو ليس بمجسم. فالحكِمُ الذي يظهرُ من معنى هذه القضيةِ: أن بعضَ الموحِّدين مؤمن، وبعض من ليس بمجسِّمٍ مؤمنٌ، وكذلك قولك: كل إنسان جَوْهَر. فالذي يظهرُ من هذه القضيَّةِ: أن بعضَ الجواهرِ إنسانٌ.

وأما الحكمُ الذي لا يظهرُ إلا من أكثرَ من قضيةٍ، فكقولك (١: كلُّ شهيدٍ مؤمن، وكلُّ مؤمنٍ موحِّد ١). فيظهرُ من هاتين القضيتين: كلُّ


= أعظم من جزئه؛ فإن هذين الحكمين لا يتوقفان إلا على تصور الطرفين، وهو أخص من الضروري مطلقاً. "التعريفات" ص ٣٩.
وقال الآمدي في "المبين عن معاني ألفاظ الحكماء والمتكلمين" ص ٤٣ - ٤٤: وأما القضايا الأولية: فما يصدق العقل بها من غير توقف على أمر خارج، عن تعقل) مفرداته، كالعلم بأن الواحد أقل من الاثنين، ونحوه.
(١ - ١) مكرر في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>