زائداً مبتدأً لم يَسبقِ التقديرُ إلى غيره، وإلا فلا نقصَ، وإنما الْتَفَتَ إلى الأول تقديراً آخرَ.
فإن قال: أفيَخرج تقدير إيَّاه من علمي، وإن قَدرت الآخرَ هذا التقدير؟
قلنا: لا، ولكن في علمك أنك قد نقصْتَ تقديرَه، وقد كان فيه أولًا أنه هو المعروف عندك ما كنتَ مقدِّراً له زائداً. فإذا أزلتَ هذا التقديرَ لم يكَنْ كذلك، وذلك أنك لم تعلمْ علمَ حقيقةٍ أنه المغرِق دون غيرِه، وإنما علمتَ أن الزائدَ على ما تحتمله هو المغرِق لها، ولم تعلمْه عِياناً، فجعلتَ الزائدَ المعلومَ لا عِياناً معلوماً عَيْناً بالتقديرِ دون الحقيقة، وإنما كان هذا لأن فيها واحداً زائداً، وإن لم يكنْ معروفاً بعَيْنِه، وحقيقة هذا عند الله أيضاً هكذا؛ لأنه ليس في الأرطال (١) واحدٌ هو أوْلى بهذا النَّعتِ من غيره إلا بالتَّقديرِ، وما كان مثلَ هذا على هذا المنهاجِ يجر ي الكلامُ فيه، فافْصِلْ بينه وبين غيرِه مما لا يَصلُحُ فيه التقدير بأن فيه واحداً معلوماً أنه زائدٌ لا عِيانا، فإنه مستوي الأحوالِ، فليس بمبيَّن منه شيءٌ من شيءٍ، وفحالٌ أن يكونَ كله زائداً، وكلُّه لا زائداً؛ لأن في هذا إبطالَ الحسِّ.
والرِّيُّ والشَبَع، والتُخَمَة، والسَّير بالدَّابَّةِ الفراسخ الكثيرةَ، والسكر بالقَدَحِ والأقداحِ، يجاب في جميعِه بهذين الجوابين، والجوابُ الأولُ أقلُّ مؤنَةً من الثاني.