للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنَقيض يَجيءُ على طريقين: إحداهما (١) طريقة الضِّدِّ، والأخرى طريقةُ السلْبِ:

فطريقة الضِّدِّ: كقولك: إذا صح أنه ساكنٌ، فليس بمتحرِّكٍ، وإذا صح أنه موجود، فليس بمعدوم، وإذا صحَ أنه محدَث، فليس بقديمٍ، وإن لم يَكنْ هناك ضِدٌّ في الحقيقةِ.

فأمَّا طريقة السلْبِ فكقولك: إذا صحَ أنه محدَث، لم يصح أنه ليس بمحدَثٍ.

ويستدل بالنقيضِ على الفَرْقِ؛ وذلك أن كلُّ فرقٍ بين شيئين فلا بد من أن يكونَ أحدهما على الموجِبةِ -وهي المثبتة-، والآخر على السَّالبةِ -وهي النافية-، كالفرقِ بين الدَلالةِ والعِلَّةِ، وذلك أن كلُّ عِلَّةٍ فلو بَطَلَتْ، لبَطَلَ أن يكونَ ما شَهِدَتْ به على ما هو عليه، [أما الدلالة فلو بطلَتْ، لم يَبطلْ أن يكونَ ما شهدت به على ما هو عليه] (٢) وذلك أن الفعلَ يشهد بأن فاعلَه قادر، فلو بطلَ فلم يكنْ وجِدَ أصلاً، لم يَبطلْ أن يكونَ القادر على ما هو عليه قادراً، وكذلك لو لم توجَدِ الدلالة على القديمِ، لم يَبطلْ أن يكونَ قديماً. فأمَّا الحركة فلو لم توجَدْ، لم يصح متحرِّك، وكذلك السواد وسائر العِلَلِ.

فهذا بيان فَرْقِ ما بين بُطلانِ الدَلالةِ والعِلَّةِ، وهو كاشف عن الفرقِ بينهما في أنفسِهما.


(١) في الأصل: "أحدهما".
(٢) زدنا ما بين الحاصرتين على الأصل ليستقيم المعنى ويتضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>