فبَقِيَتِ الصلاةُ دعاءً في أفعال، والحجُّ قصداً (١) إلى مَحالِّ أنساكٍ، فما خرجَ الدعاءُ والقصد عن أصلهما، ولا استحالا عن معناهما.
وكذلك النِّكاح: الجمع، وهو على الجمع في الوَطْءِ لجمع الذَّاتَيْنِ، وفي العَقْدِ لجمعِ الشَّمْلِ المفضي إلى الجمع بين الزَّوجَيْنِ، فأين النقل مع هذه الحالِ؟
فإن قيل: مع ما ذكرْتَ من الِإبقاءِ على حقائقِ الأسماءِ فيما ذكرْتَ، فلا بُدَّ من نقلٍ؛ لأن اسمَ الصلاةِ كان لمَحْضِ الدُّعاءِ، وهو الرَّغْبَةُ إلى الله سبحانه والسؤالُ له، وصار واقعاً على ركوعٍ وسجودٍ وليس بدعاءٍ، فقد نقِلَ، ألا ترى أنّا كنا نسلُبُ الاسمَ عن القراءةِ والقيام والرُّكوعِ إذا سُئِلْنا عنه: هل هو دعاء؟ فنقول: لا، وإن قيل لنا: هلَ هو صلاة؟ فقلنا: لا، فلمّا جاءَ الشرع، قلنا: إنه صلاةٌ وليس بدعاءٍ، وخَصَّصْنا قولَه:"رَبِّ اغْفِرْ لي"، "اللهم صلِّ على محمَّدٍ وآلِ محمدٍ"، بأنه صلاة شرعيَّةٌ ودعاءٌ، فقد تحقَّقَ النقلُ في الأفعال؛ حيثُ صار في الشرع صلاةً وليس بدعاءٍ، بعدَ أن لم يَكُنْ صلاةً في اللُّغةِ ولا دعاءً.
قيل: يجوزُ أن يكونَ الاسم اقتصرَ على الأْفعال؛ لأنها أحوالٌ للراغب الطالب، والخضوعُ بهذه الأفعالِ المخصوصةِ بين ركوعٍ وسجودٍ إنما يثبت على طلب الإِثابةِ من الله والرَّحمة، فغَلَبَ فيها اسمُ القصدِ بها، واقتصرَ على الأَفعالِ التابعةِ للطلبِ والرغبةِ، وهو الدعاءُ