للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل من نص [على] (١) ذلك بأن الدلالة قد تكونُ بنَفي على نفيِ ما دل إثباته على الإثباتِ، مثاله: أن العِلم والقُدرةَ دليلان على حياةِ مَن قاما به واتصف بهما، فلا عالم قادر إلا حى، وكما دل إثبات القُدرةِ والعِلم على إثباتِ الحياةِ دل نَفيُ الحياةِ من المحلِّ، على نفي العلمِ والقدرةِ.

ونقول في الفقه: ليس بماءٍ، فلا يجوز الوضوء به. ليس بترابٍ، فلا يجوزُ التيممُ به. ليس بعَدلٍ، فلا تُقبلُ شهادتهُ. ليس من جنسِ الأثمان ولا مَطعوم، فلا ربا فيه. لا يجوزُ الانتفاع به فلا يجوزُ بيعُه (٢). أو غيرُ منتفع به، فلا يجوز بيعُه (٢). والعقلاء لا يُنكرون قول القائل: زيد ليس في الدارِ؛ لأنه لا صجة في داره ولا دابته على بابِ دارِه، كما لا ينكرون قول القائل: إنه في الدارِ لضجةِ غلمانِه ووقوفِ فَرسِه.

وقال قوم: لا يصح أن يستدلَ به (٣)؛ لأن النفيَ غير شيء، وما ليس بشيء لا يَدل؛ لأن الدلالةَ زيادةٌ على كونِ الشيء شيئاً؛ لأن لنا أشياء لا تدلُ، فلا يدل إلا شيءٌ.


(١) ليست في الأصل والسياق يقتضي إثباتها.
(٢) مكرر في الأصل.
(٣) هذا مذهب الأحناف، واختاره الآمدي وابن الحاجب، وتبعهما ابن السبكي، وقال الأمدي: منعه الأكثر.
انظر "تيسير التحرير"٤/ ٢، و"فواتح الرحموت" ٢/ ٢٧٤ و" جمع الجوامع" ٢/ ٢٨٠، و"الإحكام" للآمدي ٣/ ٢٩٥، و"مختصر ابن الحاجب" مع شرحه للعضد ٢/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>