مثل قولِ القائلِ في إباحة الخيل: بأنه حيوانٌ مُختلفٌ في وجوب الزكاة فيه، فجاز كلُه، كالمعلوفةِ من الماشيةِ، أو حيوانٌ مختلفٌ في أكلِه، فطهرَ جلدُه بالدباغ، أو كان سُؤره طاهراً، أو فطهر بالذكاة، هل يصح أن يجعلَ ذلك علةً أم لا؟
فذهب قومٌ إلى المنعِ. قالوا: لأن الحكمَ، وهو: جوازُ أكلِه والمنعُ من أكلِه، مُضافٌ إلى عصرِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، والاختلافُ حادثٌ بَعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -، فيؤدي إلى أن يسبقَ الحكمُ علتَه.
وذهب قومٌ إلى أن ذلك جائز، إذ كان لكونه مختلفاً فيه تأثيرٌ في الحكمِ المعلًقِ عليه، كقولنا على ذلك (١): إنً النبيذ مختلفٌ في إباحته، فلا يفسقُ شاربُه متأوِّلاً، وكقولنا في الشاهد واليمين: حكمٌ مختلفٌ فيه اختلافاً ظاهراً واجتهاداً بيَناً، وليس فيه مخالفةُ نص من كتابٍ ولا سُنةٍ ولا إجماعٍ، فاذا حَكَم به حاكم نَفَذ حكمُه ولم يُنقَض، كسائرِ المُجتَهَدِ فيه من الأحكامِ. فهذا تأثير صحيح في نُفوذِ حكمِ الحاكمَ.
وقولهم: يُفضي أن يَسبق الحكمُ علته. ليس بصحيح؛ لأنً كونه مختلفاً فيه من أحكام الشرعِ، وتسويغه من أحكام الشرع، ولأن المجتهدَ لم يؤخذ عليه إَلا ما يصل إليه بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا اعتبار