للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكفَفَ بعضهم الجوابَ عنه فقالَ: إنَه لما قبلَ شهادتَهم على المسلمين؛ دلّ على أنَّ شهادتهم على الكفارِ أولى بالقبولِ، ثم دلَّ الدليلُ على أن شهادتَهم لا تقبل على المسلمين، وبقيَ في حقّ الكفارِ على ما اقتضاه. وهذا ليسَ بجوابٍ صحيحٍ؛ لأنه تعلَّق بالأولى، وذلك أنَّ الخطابَ ارتفعَ حكمه فكيفَ يبقى مع ارتفاعِ حكمِ فحواه؟

وثانيها (١): أن يقولَ بموجبِها وذَلك على ضربين:

أحدُهما: أن يحتجَّ من الآيةِ بوضعِ اللغةِ، فيقول السائل بموجبها في وضعِ الشريعةِ، أو يكونَ ذلك بالعكسِ، بأن يحتجَ من الآيةِ بوضعِ اللغةِ، ويتبع ذلك بأنَّ القرآنَ نزلَ بلغةِ العرب، وأنا لا أنتقل عنه إلا بدليل ينقلني.

وللمستدلِّ أن يقولَ: إطلاق الكتاب ينصف إلى ما استقر في الشرع، وهو الوضعُ الثاني، فيقضي على اَلأول، وهذا يأتي في التعلقِ في تحريمِ المصاهرةِ بالزنا بقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: ٢٢]، والمراد به: لا تَطَؤوا ما وطىء آباؤكم. فيقول مخالفهُ فيها: بل ينصرفُ إطلاقُ النَكاحِ فى النَكاحِ في الشرع، وهو العقدُ، فيكون معناه: لا تتزوجوا من تزوجَ بهن آباؤكُم. وينتقلُ الكلامُ بينهما إلى الأسماءِ، هل فيها منقول، أو هي مُبقاة على وضعِ اللغةِ؟ وذلك مستوفى في مسائلِ الخلاف إن شاء الله.


(١) أي ثاني الأوجه الثمانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>