للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابي هذا، فلا تنتفعوا من الميتة بإهابٍ ولا عَصب" (١). وهذا صريح نسخ كلُّ خبر ورد في طهارة الجلود بالدباغ.

فيقول الشافعي: هذا عادَ إلى تحريم الِإهاب، وبعد الدباغ لا يُسمى إهاباً، لكن يسمى جلداً أو أديماً.

فيقول أصحابنا: إنما عاد النهي إلى ما كان تَقدم من الِإباحة، فانقلوا عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان أباح اهُبَ الميتات، فلا يجدوا ذلك في نقل صحيح.

لم يبق إلا أنه عاد النهي إلى ما كان مباحاً وسماه إهاباً، استتباعاً للاسم الأول، كما سميت المطلقةُ زوجةً، والمطلق بَعلاً بعد الطلاق استِتباعاً.

فصل

وأمَّا النًسخ بنقلِ المتأخِّر، فمثل: أن يستَدِل الحنبلي أو الظاهري في جَلْدِ الثَّيِّب مع الرَّجمِ بقوله عليه الصلاة والسلام: "خُذُوا عني، قد جَعَلَ الله لَهنَّ سَبيلًا، البِكْرُ بالبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ وتغريبُ عامٍ، والثيبُ بالثَّيِّبِ جلدُ مئةٍ والرَّجمُ" (٢).

فيقول له الحنفيُّ أو الشَّافعيُّ: هذا منسوخٌ بما رُوي: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجَمَ ماعِزاً ولم يَجْلِدْهُ (٣)، وهذا منه كان متأخِّراً عن قَوله الذي


(١) تقدم في الصفحة (١٩٤) من الجزء الأول.
(٢) تقدم في الصفحة (١٩٣) من الجزء الأول.
(٣) قصة رجم ماعز بن مالك الأسلمي أخرجها أحمد ٢/ ٢٨٦ - ٢٨٧ و ٤٥٣،=

<<  <  ج: ص:  >  >>