للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومن الاعتراض بردِّ القياس من مُثْبتي القِياسِ قولهم: إِنه يُقابلُهُ قولُ الصحابى ويُخالفُه، فلا يُعْتَد بقياس يُخالفُه قَوْلُ الصحابي.

فيقول الشافعيُّ: دَعْ تَقابُلَهُ، وهل هو إلا قَوْلُ مجتهدٍ يُصيبُ تارةً ويُخطىءُ أخرى، والقياسُ دليل من أدلّة الشرعِ، وينقل الكلام إلى ذلك الأصل، وإن أمكنه أن يُوافِقَ بين قَوْلِ الصحابيِّ وبينه بنوع بيانٍ، أو يتأوّلَ قَوْلَ الصحابي بما يُخرجه عن مخالفةِ القياسِ فعل (١).

فصل

ومن الاعتراضِ برد القياسِ من القائلين به في الأصلِ، ردُّ أصحاب أبي حنيفةَ القياسَ إِذا تضمَّن تخصيصَ العموم ابتداءً، أعني العمومَ الذي لم يُخَصَّ، وذلك مثل استدلالِ الشافعيِّ على أنَّه لا تنقضي عِدَةُ امرأةِ الصغيرِ بوَضْعِ حَمْلِها بعد موتِه، بأَنه حَمْلٌ مُنْتَفٍ عنه قَطْعاً ويقيناً فأشْبَهَ الولدَ الذي ولَدَتْة لِدُونِ ستَّةِ أشْهُرٍ منذ تزوجها (٢).

فيقول الحنفيُّ: هذا تخصيصٌ مبتدأ لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]، بالقياسِ، وعندي لا يجوزُ.

فيقول الشافعي: هذا عندي جائز؛ لانَ المعنى الذي جازَ به تخصيصُ العمومِ الذي قد خُصَّ بالقياسِ إنما هو لان القياسَ يتناولُ


(١) انظر "التمهيد"٤/ ١٠٦.
(٢) "التمهيد"٤/ ١٠٦، وانظر "مختصر المزني": ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>